Site icon IMLebanon

قراءة عونية للأزمة الحكومية وللعلاقة مع برّي

 

تشتدّ أزمة تأليف الحكومة التي دخلت في نفق «حرب الأحجام»، ولا يبدو أنّ العقد الناتجة من هذه الحرب قابلة للعلاج الآني، فالأطراف المعنيون لا زالوا على مواقفهم، وهذا ما سيؤدّي إلى بقاء حكومة تصريف الأعمال إلى فترة مرشّحة لأن تطول.

تؤكّد مصادر قريبة من «التيار الوطني الحر»، أنّ الأزمة لا تزال على حالها، وتوحي بأنّ الرئيس ميشال عون لن يتراجع أمام الابتزاز الذي يتعرّض له، من أطراف تعتقد أنّه يمكن ليُّ ذراع الرئاسة باللعِب على الحاجة إلى تأليف حكومة سريعاً، وتشير إلى أنّ تشكيل الحكومة، إمّا أن يكون بحسب المعايير التي تعني تفادي انتفاخ الأحجام، وإمّا لن تتشكّل الحكومة ولو طالَ الزمن.

وتشير المصادر إلى جملة عوامل ينطلق منها التيار في قراءة خلفيات تأخير تشكيل الحكومة ومنها:

ـ أوّلاً، إنّ الرئيس سعد الحريري لم يكن يرغب الدخول في اشتباك مع التيار حول الحكومة كرمى لعيون أيّ طرف، ولكنّ الضغط الخارجي الذي يتعرّض له أدّى إلى تأخير التأليف، وتجزم بأنّه لم يتبنَّ مطالب أيّ طرف وخصوصاً «القوات اللبنانية»، وهو يتصرّف كما لو أنه ناقل مطالب، ولا يتشدّد في تبنّيها، والانطباع العام لدى التيار هو أنّ الحريري يريد تجاوز هذه المطالب المضخّمة لكنّه لا يستطيع في هذه المرحلة.

ـ ثانياً، إنّ الاطراف التي تسعى الى تكبير أحجامها بأكثر ممّا يسمح لها تمثيلها النيابي، أي «القوات اللبنانية» ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، تتوهّم أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري يشكّل حاضنةً لها، وهذا غير صحيح، بدليل أنّ رئيس المجلس يضغط في اتّجاه سرعة التأليف، وما يهمّه هو تحصين حصّة حلفائه وفي طليعتهم «المردة»، وليس تكبير حجم «القوات اللبنانية»، كما أنه وبما يتعلق بحضّ الحريري على الإسراع في التأليف لوَّح بالبحث في موضوع المهلة المفتوحة للرئيس المكلف، وهو ما لم يسبق أن قام به قبلاً، خصوصاً وأنه يعرف حساسية هذا الطرح.

وتكشف المصادر القريبة من التيار، أنّ زيارة الوزير علي حسن خليل لقصر بعبدا لم تقتصر على البحث في الوضع المالي، بل بحثَ في موضوع تأليف الحكومة، وتمّ التفاهم على ضرورة حصول لقاء بين عون وبري بعد عودة الأخير من زيارته للخارج، انسجاماً مع التفاهم على ضرورة سرعة تأليف الحكومة، وعدم الإبقاء على حكومة تصريف الأعمال.

ـ ثالثاً، إنّ موقف «القوات اللبنانية»، على ما تقول المصادر، والذي ينطلق من نَيل حصة وزارية أكبر من حجم «القوات»، للدخول الى الحكومة، والمشاغبة على العمل الحكومي من داخل كما حصَل في الحكومة الحالية، لن يكون مقبولاً لدى عون والتيار، فتكرار هذه التجربة مرفوض، و»القوات» هي التي بدأت الحرب على العهد، ولن يكون التعامل معها بعد اليوم، كما في مرحلة «اتّفاق معراب».

ـ رابعاً، إنّ الضغط السياسي والدستوري على الرئيس المكلّف ليؤلّف الحكومة أو يعتذرعن التأليف، سيوضَع عاجلاً او آجلاً على الطاولة، إذ إنّ العهد وعلى الرغم من رفضه ليَّ الذراع وفرضَ حكومةٍ عليه بتوازنات مشوّهة، لن يعدمَ وسيلة لفتحِ ملف المهلة المفتوحة للرئيس المكلف، وهناك سيناريوهات عدة يمكن اعتمادها، منها ما تحدَّث عنه النائب جميل السيّد عن عريضة نيابية تطالب الحريري بالتأليف أو الاعتذار، كما أنّ هناك خيارات أخرى، لكنّ عون، على ما تؤكّد المصادر، يترك هذا الاحتمال خياراً أخيراً، بسبب عدمِ رغبته في الضغط على الحريري لأنه يريده رئيساً للحكومة طوال عهده، كما أنه يتفادى هزَّ التسويةِ التي أدّت الى انتخابه رئيساً، ويَحفظ للحريري دورَه في هذه التسوية. وتُذكّر المصادر بما فعله عون لـ«إنقاذ» الحريري خلال أزمة الاستقالة، وتعتبره مؤشّراً إلى مدى تمسّكِه بالحريري الذي لا يمكن أحداً أن يحلّ مكانه في هذه المرحلة، إلّا إذا عجز عن التملّص من الضغوط الكبيرة التي تمارَس عليه، عندها يُفتح الباب أمام خيارات أخرى لا يريد عون الوصول إليها.