Site icon IMLebanon

مشروع فرنسي لإعادة تأهيل المرفأ

 

 

تُطلق السفارة الفرنسية في لبنان في 13 آذار الجاري المخطط التوجيهي لمرفأ بيروت مُتضمناً الاقتراحات المتعلقة بتنظيم المرفأ والمبادئ التوجيهية لتقييم أمنه، والذي أعدّته شركات فرنسية خاصة بتمويل من الدولة الفرنسية.

رغم مرور 4 سنوات على انفجار مرفأ بيروت، والى جانب العدالة النائمة، لم تحرّك الدولة ساكناً بعد في ما خَص إزالة الردميات، كما لم تباشر بأي عملية لإعادة اعماره. في المقابل، بادرت الدولة الفرنسية الى صياغة استراتيجية لإعادة تأهيل المرفأ، فأعدّت له خريطة هندسية جديدة، تحت اشراف وزارة الاشغال العامة وهيئة ادارة المرفأ سيتم الكشف عنها في احتفال يُقام يوم الاربعاء المقبل في حرم المرفأ بمشاركة فاعليات وحشد رسمي.

وفي سياق تمهيدي للحدث، أجرت السفارة الفرنسية في لبنان لقاء اعلامياً مصغّراً أوردت فيه بعض التفاصيل المتعلقة بهذا المشروع، فقد شرح رئيس الدائرة الاقتصادية الإقليمية في السفارة الفرنسية فرنسوا سبورير انه بعد انفجار المرفأ، أقيمت دراسات وخطط عدة أنجَزتها أطراف خاصة وعامة ورسمية لإعادة تأهيل المرفأ، لكن وزير الاشغال العامة علي حمية لم يكن راضياً عنها. لذا، وخلال لقائنا به من حوالى العام والنصف، طلب منّا تقديم المساعدة والمساهمة في صياغة استراتيجية عملية لإعادة تأهيل المرفأ، تأخذ في الاعتبار الحاجة الى مخطط واقعي يتناسب مع القدرات المالية للدولة اللبنانية. وتلبية لذلك، اختارت الدولة الفرنسية المستشارين وتعاونت مع شركة Egis و Artelia وشركة كهرباء فرنسا لتزويد المرفأ بالطاقة، ووضعت بتمويل فرنسي المخطط المطلوب للمرفأ، وفق توجيهات الوزير حمية، وبتواصل وتعاون مع هيئة ادارة المرفأ. وأوضح سبورير انه لم يكن المطلوب اعداد دراسة جديدة انما الاستلهام من الدراسات الموجودة واستخراج الجيد منها واقتراح خيارين او ثلاثة. وبناء عليه جرى العمل على ٣ محاور:
الاول: تحديد الاعمال الاساسية لإعادة تأهيل المرفأ واعادة بناء الارصفة المتضررة، لا سيما منها الرصيف ٩ الذي يعاني من فجوة كبيرة جداً.
الثاني: وضع مخطط تنظيمي لتسيير العمليات والنقل داخل المرفأ لزيادة الفعالية وكسب الوقت خلال انجاز العمليات.

الثالث: يتعلق بالطاقة، فقد تبيّن ان المرفا يستهلك بين 14 و15 ميغاوات من خلال المولدات الملوثة، لذا عملنا مع كهرباء فرنسا على تزويد المرفأ بالطاقة الشمسية، وقد أنجزت الدراسات بالنسبة الى المساحة المتوفرة والتي يمكن استغلالها وتزويدها بالالواح الشمسية.

الاعلان الرسمي
يقترح المشروع امّا بناء رصيف جديد بدل الرصيف 9 الذي تَدمّر بالكامل جراء الانفجار او إنشاء رصيف على الخط الموازي، وتميل السلطات المرفئية نحو الخيار الثاني. انشاء منطقة خاصة، ممرات، منطقة لتخزين البذور اي الاهراءات، مساحات تخصّص لركن السيارات المستوردة على ان يتم سقفها بألواح شمسية تزوّد المرفأ بالطاقة، فتح بوابة جديدة تخصّص للحاويات ومدخل للمارّين.
وأكد سبورير انّ السلطات المرفئية اطلعت على هذا المخطط، وسيتم في 13 آذار المقبل الاعلان عنه بشكل رسمي من قبل خبراء شركتي Egis و Artelia، والكشف عن الكلفة الاجمالية لهذه الاعمال (وتتضمن اعادة تأهيل الرصيف والطرقات والتزويد بالطاقة الشمسية…)، والتي تتراوح بين 50 و 100 مليون دولار.
وقال: خلال يوم الاعلان عن المشروع سنقدم للسلطات اللبنانية 3 مستندات هي:
– الأولى: كل الدراسات والخطط التي أنجزناها والمتعلقة بالاعمال والاشغال التي ينبغي اتخاذها في المرفأ.

الثانية: كل المناقصات التي على الدولة اللبنانية ان تطلقها في وقت لاحق.
الثالثة: تتعلق بتقييم الأمن والسلامة في المرفأ، فوفق الخبراء انّ معايير السلامة المتوفرة راهناً في مرفأ بيروت لا تتناسب مع المعايير الدولية المطلوبة، بحيث يمكن لشركات النقل الدولية ان تتردد بالمرور في مرفأ بيروت لأنّ ذلك قد يعرّضها لتدقيق اضافي كونها تنطلق من بيروت. انّ عملية تكييف معايير هذا المرفأ بالمعايير الدولية ليست مكلفة، اذ يكفي تحديث بعض المعدات والقيام ببعض الاجراءات الادارية لتتناسب مع المعايير الدولية.

ماذا بعد 13 آذار؟
عن الدور الذي ستؤديه فرنسا بعد الاعلان عن المشروع، أكد سبورير انّ لدى الجانب الفرنسي الاستعداد التام لمواصلة العمل وتقديم معلومات ومستندات اضافية، ولكن قبل مواصلة هذا التعاون لا بد من استيفاء ثلاث شروط مسبقة من قبل السلطات اللبنانية، أوّلها رفع الانقاض والركام، إذ انه رغم مرور 4 سنوات على الانفجار ما زالا يملأان المرفأ. وكشف انه جرى الاسبوع الفائت إطلاقٌ لمناقصةٍ وافقت عليها هيئة الشراء العام لجمع النفايات المعدنية في المرفأ.
ويتعلق الشرط الثاني بالتمويل، فراهناً تذهب ٨٠ في المئة من ايرادات المرفأ الى خزينة الدولة وتبقى 20% فقط للمرفأ وهذه النسبة غير كافية لإعادة تأهيله، لذا يجب اعادة النظر بطريقة توزيع هذه النسب بين الدولة اللبنانية ومرفأ بيروت خصوصاً انه ليس هناك اي مموّل اليوم جاهز لتمويل هذا المشروع طالما ان ليس هناك اتفاقاً للبنان بعد مع صندوق النقد الدولي. وقال: انّ السير بهذا المشروع راهناً يوجِب البحث عن تمويل محلي يقضي بصرف 100 مليون دولار مقسّمة على 3 سنوات.

أضاف: هذا الامر يرتبط بشكل مباشر مع الشرط الثالث ألا وهو وضع إطار قانوني وتنظيمي صلب وشفّاف لأنّ المتوفر اليوم ليس كافياً. فالمطلوب لتأمين التمويل اعداد صيغة مَرنة تُجنّب المستثمرين الدخول في دهاليز الادارات اللبنانية للاستحصال على الموافقة على هذا المشروع.

مساعدات فرنسا للبنان
وكان سبورير قد عرض لأبرز الاعمال التي قامت بها فرنسا بشكل طارئ وسريع بُعَيد انفجار الرابع من آب، منها: نشر الجيش الفرنسي في المرفأ، تمويل عملية إزالة واعادة تدوير الحبوب المتناثرة، وتمويل دراسة لتقدير قيمة الخردة الواجب إزالتها مثل النفايات المعدنية والمركبات والمعدات ومعدات البناء واقتراح اطلاق مناقصة لبيع هذه النفايات. كما قدّمت فرنسا آلة «السكانر» كهبة الى مرفأ بيروت بعد الدمار الذي لحق به، وهذه الآلة لا تزال الوحيدة الموضوعة في الخدمة حتى اليوم.
وتابع سبورير: على المدى الطويل، عملت فرنسا في عدة مشاريع تعاون تطال محاور متنوعة، منها: التواصل مع وكالة الخبرات الفرنسية expertise france التابعة لوكالة التنمية الفرنسية من أجل مساعدة المرفأ على تحديث حَوكمته وسلامته وأمنه، كذلك جرى إبرام اتفاقية تعاون بين مرفأي بيروت ومرسيليا في حزيران من العام 2022 بتمويل من الدولة الفرنسية.
على صعيد محلي، وبعدما ألحَق الانفجار ضررا كبيرا بمركز المعلوماتية التابع للجمارك اللبنانية، تدخّلنا بشكل طارئ وتعاونّا مع هيئة ادارة المرفأ بهدف تسيير الامور الضرورية. وعلى المدى الطويل نعمل على اعداد نظام معلوماتي جمركي حديث، وقد تمكنّا للغاية من الحصول على هبة من البنك الدولي بقيمة 2 مليون دولار لتمويل هذا المشروع.

وأشار سبورير الى انه، وبموازاة هذه الاندفاعة الفرنسية تجاه لبنان، بادرَ القطاع الخاص الفرنسي الى الاستثمار في هذا البلد. فعلى سبيل المثال، إنّ شركة cma cgm التي فازت بتلزيم محطة الحاويات في مرفأ بيروت، استثمرت حتى اليوم بنحو 30 مليون دولار في هذه المحطة، ويظهر ذلك بوضوح بمجرد رؤية الفارق بين المنطقة التي هي تحت ادارة الشركة الفرنسية وباقي المناطق في مرفأ بيروت، حيث لا تزال الفوضى سائدة، ويظهر الركام رغم مرور 4 سنوات على التفجير.