بتوقيع الوزير سمير مقبل قرارات تأخير تسريح العماد جان قهوجي واللواءين وليد سلمان ومحمد خير، قطعت جهينة قول كل خطيب… وبات ما فات مات، وعلى أصحاب الحزن تجاوز فكرة الثأر، أو ردّة الفعل، ومن ثم اعادة النظر بالحسابات والمواقف.
بعض الأوساط ترى ان العماد ميشال عون خسر معركة ايصال العميد روكز الى قيادة الجيش، ومعها معركة رئاسة الجمهورية، لكن بعض أعضاء التيار يعتقدون انه بتأخير تسريح العماد قهوجي، سنة، سيكون عون كسب معركة إبعاده عن الرئاسة، وطبعاً هذا التحليل غير مؤكد الصحة، وربما كان العكس هو الصحيح، فقيادة الجيش لا تحجب الرئاسة عن صاحبها، بل تبقيه بقربها عن كثب.
الغضب الساطع سينصبّ على وزير الدفاع سمير مقبل، من خلال التهديد والوعيد، وقد يأخذ بطريقه الرئيس ميشال سليمان واللقاء التشاوري برمته، وصولاً الى جلسة مجلس الوزراء المقررة الخميس المقبل حيث قد تكون فشّة الخلق بالدعوة المطروحة للدورة النيابية الاستثنائية وما ينتظرها من تشريعات ضرورية وملحّة.
بعض الأوساط، تتوقع ان يبرد الجرح من اليوم حتى الخميس المقبل، واذا لم يحصل، فالتأجيل سيّد الأحكام، ولن يعدم الرئيس تمام سلام وسيلة لتخطي هذا الوضع، إذ على المرء ان يسبح ليجد البرّ، وهو أثبت حتى الآن انه سبّاح ماهر، وعندما تكون هناك ارادة، لا تُعدم الوسيلة.
وعما يقال عن المهاترات ونبش الملفات، تجيب الأوساط المتابعة بالقول، كلنا على قناعة بأن لكل قديس ماضٍ ولكل خاطئ مستقبل… وغبار الأيام في لبنان لا يوفّر أحداً…
الوزير مقبل يتحصّن خلف جدران القوانين التي يقول انه ملزم باتباعها، ولديه صلاحيات استعمالها، وفق ما أبلغه الى القيادات السياسية التي جال عليها وبينها العماد عون.
وثمة حصن اضافي يحتمي به مقبل وكل فريق ١٤ آذار، ومن يقول قوله في قضايا الاستحقاقات السيادية، من هدير التيار الوطني الحر، وهو الاجماع الدولي على حماية الاستقرار في لبنان وعنوانه الحكومة السلامية الممنوعة من الاستقالة أو حتى الاعتكاف، ذلك الاجماع المعطوف على الاتفاق النووي الايراني الغربي، الذي امتصّ الكثير من تشنّجات حزب الله، لصالح المرونة في التعاطي، والتحوّل من مشجّع لتيار العماد عون على المكابرة والتحدّي والعرقلة لأبسط الأمور، الى كابح لجموحه، وناصح له بالاكتفاء من التصعيد بوجهه السياسي، من دون الدخول في متاهات الحراك في الشوارع وتداعياتها.
ويدرك الجميع بأن أزمة لبنان ليست أولوية بالنسبة الى أصحاب البرنامج التنفيذي للاتفاق النووي، كاليمن وسوريا، لكن ذلك لا يعني ابتعاد العين الدولية عن هذا البلد المنكود الحظ بمن يتولّون أموره، فدرجة سخونة الوضع في لبنان لا تستوجب استنفاراً دولياً أو اقليمياً، الآن، والرائج ان هناك اتصالات لبناء مجموعة دولية – اقليمية على غرار مجموعة الست زائداً واحداً، التي تولت مفاوضات الملف النووي الايراني تضم الولايات المتحدة وروسيا ومصر والسعودية وتركيا وايران، وربما الاتحاد الأوروبي للشروع بالمعالجة الجدّية للأوضاع في سوريا، عبر اطلاق مفاوضات التسوية الداخلية، وعندما تبدأ حلاقة اللحى في سوريا، يغدو على اللبنانيين ان يبلّوا ذقونهم.
أما اليوم فان فضيلة التريث تحاكي حكمة الانتظار، وهذا ما يفترض أن يدركه الجميع.