IMLebanon

بصيص أمل

في خضمّ حركة الاتصالات الداخلية الناشطة منذ عودة الرئيس سعد الحريري إلى بيروت لتوفير الأرضية السياسية لانتخاب رئيس جديد في الجلسة النيابية المحددة في الثاني من الشهر المقبل، والتي توكبها حركة دبلوماسية مماثلة في اتجاه بيت الوسط، برزت عدّة مؤشرات تحمل بوادر إيجابية على الساحة الداخلية، ليس أقلّها أهمية انحسار الاشتباكات السياسية والتجاذبات بين فريقي 8 و14 آذار بشكل ملموس وغير محسوب، بخلاف ما كان حاصلاً قبل عودة زعيم التيار الأزرق وإطلاقه من البيال الدعوة إلى الجميع لاحترام الدستور وأصول اللعبة الديمقراطية والنزول إلى مجلس النواب لانتخاب الرئيس من بين الثلاثة المرشحين حتى الساعة لهذا الموقع وطيّ هذا الملف الذي بات يهدّد في حال استمراره عالقاً بين سندان الداخل ومطرقة الخارج خطراً داهماً ليس على الدولة ومؤسساتها التي وصلت إلى حافة الإفلاس بل وأيضاً على الكيان والوجود.

وقد تجلّت هذه الإيجابية في عدّة محطات سريعة منها سكوت حزب الله وابتعاده عن الردّ على المواقف التي أطلقها زعيم التيار الأزرق وحمّله فيها مسؤولة تعطيل الانتخابات الرئاسية بمقاطعته جلسات الانتخاب إستجابة لطلب إيران المتهمة بالقبض على الورقة اللبنانية بوصفها مكمّلة للمحور الممتد من العراق إلى سوريا، وعدم استعدادها للتخلي عن هذه الورقة التي تشكّل نقطة قوة لها قبل الانتهاء من المفاوضات الدولية الجارية لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، وتوزيع مراكز النفوذ فيها. هذا السكوت لا يعني مؤشر ضعف عند الحزب وحلفائه في الوقت الذي يميل ميزان القوى في سوريا لمصلحة النظام الذي لا يزال قائماً وبالتالي لمصلحته ومصلحة حليفته إيران، بقدر ما يدلّ على تفهّم عنده بأنه آن الأوان لوضع مصلحة لبنان المهدّدة في أول سلّم أولوياته والقبول بالتالي بالتسوية التي طرحها الحريري، خصوصاً وأنها لا تتعارض مع مشروعها ما دام المرشح المطروح من قبل زعيم التيار الأزرق ومعظم فريق 14 آذار من صلب فريقه والملتزم كما أعلن من بيت الوسط قبل يومين بحلفائه، أي حزب الله وفريقه ولا يُقدم على أي أمر إلا بالتنسيق معه في حال انتخابه رئيساً للجمهورية.

وثمّة أمر آخر يحمل دلالات إيجابية على وجود تقارب بين الفريقين، قد يجعل من جلسة الثاني من آذار خاتمة لأحزان لبنان وخروجاً من نفق الاستحقاق الرئاسي وهو الإنعطاف الذي حصل عند زعيم التيار الأزرق الذي أصبح واضحاً أنه يحمل دعماً دولياً واسعاً لإنجاز الاستحقاق الرئاسي تجاه حزب الله الذي اتهمه من البيال بأنه يعطّل الاستحقاق الرئاسي خدمة لمصالح إيران، وهذا الانعطاف هو استبداله كلمة تعطيل بكلمة تأخير، وكأنه يريد من هذا الاستبدال إيصال رسالة لمن يعنيهم الأمر بأن ثمّة تغييراً قد حصل أو يمكن أن يحصل في موقف حزب الله من هذا الاستحقاق في اتجاه إيجابي وليس سلبياً، الأمر الذي يقتضي مدّ الجسور معه لتسهيل المهمة عليه وتكون جلسة الثاني من الشهر المقبل جلسة انتخاب الرئيس العتيد والخروج من مستنقع تضارب المصالح الإقليمية والخارجية على حساب مصلحة لبنان وكل مكوناته.