IMLebanon

الموظف الآدمي و«الدكّان» وتكاليف الحياة  

الأيام القليلة المقبلة يجب أن تحمل أخباراً سارّة الى اللبنانيين وإن كان مستبعداً أن تكون كاملة، إذ لا بدّ من بعض التأخير وليس التلكؤ في بعض القضايا والمشاريع التي هي أيضاً ملحّة.

بداية بات شبه مؤكّد ان الأسبوع الطالع سيحمل الى اللبنانيين بشرى إنجاز مشروع الموازنة. وهي فعلاً فرحة بالغة وإن كان إتمام هذا العمل واجباً أولياً، قانونياً – دستورياً من واجبات الدولة، وبالذات السلطة التنفيذية الممثلة في مجلس الوزراء.

فبعد اثنتي عشرة سنة من دون موازنة، خلافاً لكل قانون ودستور وعرف وأصول، سيكون إقرار الموازنة العامة في مجلس النواب إنجازاً، إن لم يكن في حد ذاته، فأقله قياساً الى السنوات العجاف الماضية التي أعقبت إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

ثم هناك إقرار «السلسلة» سيّان أكانت في صلب الموازنة ومن ضمن بنود مشروعها أو كانت في مشروع منفصل (مع أنّ عشرات الآلاف من المواطنين والمتعاقدين والمتعاملين مع القطاع العام في جانبيه التعليمي والإداري، ناهيك بالأسلاك العسكرية والأمنية… مع أنهم يفضلونها في صلب مشروع الموازنة).

وليس قليلاً إنصاف هذه الألوف من المواطنين في إطار ما يبدو ان القوم توافقوا عليه من دون أن يتسببوا بصدمة إقتصادية سلبية. فالإنصاف يقتضي الإعتراف بأن الموظف في لبنان يعاني كثيراً خصوصاً في القطاع العام الذي نطالبه بالإنتاج والإستقامة (وهذان الأمران من أضعف إيمان الواجب الأخلاقي والوظيفي) من دون أن نوفّر له الحدّ الأدنى من مقوّمات العيش الكريم. فمنذ سنين طويلة و«المعاش» مجمّد من دون حصول الموظف على حقه في الدرجات. أضف الى ذلك أن مرتبات وتعويضات المعلّمين هي في ذيل القائمة.

ولا نقول جديداً إذا قلنا إنّ الموظف «الآدمي» يتقاضى مرتباً أو مخصّصاً لا يكفيه إلاّ لأيام قليلة في مواجهة تكاليف الحياة المرتفعة.

وهذه حتمية لا يناقش فيها إثنان… وكأننا نشجع هذا الموظف أو المتعاقد (في التربية أو في الإدارة العامة) على أن «يفتح دكاناً» آخر في الوظيفة ليوفر له بعضاً من تكاليف الحياة القاسية والمرتفعة سنوياً…

لذلك قد يكون مطلوباً، وبإلحاح، «تصحيح» الأجور والتعويضات بما يتلاءم مع حق الموظف في مواجهة متطلبات العيش في هذا الوطن، بما يشجّع أصحاب الطاقات والكفاءات والمهارات على البقاء في هذا الوطن ووضع كفاءاتهم ومهاراتهم في خدمة وطنهم، بما يفترض أن يقلّل من «هروب» الكفاءات الى الخارج فيحد من هذه الظاهرة الإستنزافية الكبيرة.

ويبقى مشروع قانون الإنتخابات.

فإذا صحّت المعلومات المتداولة عن أنّ ما يُقال في العلن شيء، وما يجري  بعيداً عن الأضواء شيء آخر، فإننا يمكن أن نتفاءل بأننا مقبلون على قانون جديد للإنتخابات النيابية سينجز ضمن «المهل المعقولة»، ما يتيح المجال لإجراء الإنتخابات النيابية في ايلول أو تشرين المقبلين بعد ان يكون شهر رمضان المبارك وموسم الإصطياف قد مرّا على خير… كما يأملون ونأمل، على ألاّ يتوقف البحث الجدّي عن صيغة معقولة لتأمين التيار الكهربائي بعد طول عناء وانتظار.