إذا كانت العلاقة بين الرئيس إميل لحود والرئيس رفيق الحريري قد اتسمت بسوء شديد وسادتها حالة من انعدام الثقة، على امتداد سنوات طويلة، ما انعكس سلبا على عمل الدولة وانتظام المؤسسات، فان العلاقة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري تتميز، حتى الآن، بالايجابية والتعاون اللذين تُرجما الى انتاجية سريعة في اولى جلسات مجلس الوزراء، خصوصا لناحية إقرار مرسومي النفط واستبدال مدير عام هيئة «أوجيرو» السابق عبد المنعم يوسف.
وبرغم انه من المبكر الجزم باستمرار التناغم بين الرجلين على المدى الطويل، إلا ان هناك من يعتقد ان الحريري سيكون حريصا على التعايش مع عون بأفضل طريقة ممكنة في الاشهر القليلة من عمر حكومته الحالية، لتسهيل عودته الى السراي بعد الانتخابات النيابية المقبلة.
وبهذا المعنى، ليس رئيس الجمهورية وحده من يعتبر ان حكومة العهد الاولى هي التي ستتشكل في أعقاب الانتخابات، بل ان رئيس مجلس الوزراء يفترض ايضا ان حكومته الحقيقية في هذا العهد هي التي سيترأسها لاحقا.
وحتى ذلك الحين، يؤكد وزير بارز لـ « الديار» ان «شهر عسل» يجمع في هذه المرحلة بين عون والحريري، آملا في ان يمتد لأطول فترة ممكنة، لانه يشكل فرصة ثمينة لتحقيق الانجازات وتفعيل انتاجية الدولة، كما حصل في الجلسة الاولى لمجلس الوزراء، «والمهم ان يبقى هذا العسل مطابقا للمواصفات، وألا تتسرب اليه جراثيم المحاصصة.»
ويرى الوزير ذاته ان اقرار مرسومي النفط وتعيين بديل عن يوسف في «أوجيرو»، يؤشر الى وجود تفاهم مسبق من طوابق عدة، بدأ تنفيذه بعد انتخاب عون وتشكيل الحكومة برئاسة الحريري، لافتا الانتباه الى ان هذا التفاهم يحظى بزخم قوي، لن تصمد امامه الاعتراضات الجانبية، مع استثناء يتصل بقانون الانتخابات النيابية، والذي يحتاج الى توافق وطني حوله.
ويبدو ان أطرافا عدة تتطلع الى تحفيز المرأة، عبر الـ «كوتا» النسائية المفترضة، على توسيع حجم مشاركتها في الانتخابات النيابية المقبلة، سواء من خلال الترشيح او الاقتراع. ولعل الحريري هو من أكثر المتحمسين لهذا الطرح، انطلاقا من اعتقاده بان شعبيته واسعة في صفوف النساء، وانهن سيصوتن بكثافة للوائحه إذا أمكن استقطابهن الى صناديق الاقتراع.
وعندما طرح وزير الدولة لشؤون المرأة جان اوغاسبيان في الجلسة السابقة للحكومة في السراي ضرورة تخصيص «وزارته النظرية» بهيكلية وموازنة تقارب 800 مليون ليرة، حتى تستطيع العمل والمشاركة في مؤتمرات عالمية.. بدا الحريري الاكثر تفهما لهذا الامر، وتناغما معه.
لكن عددا كبيرا من الوزراء اعترض على ما طلبه اوغاسبيان ربطا باسباب قانونية ومالية، ولعدم وضوح العديد من التفاصيل. وطالب المعترضون والمتحفظون بالاستماع الى رأي وزير المالية علي حسن خليل (الذي كان غائبا آنذاك)، قبل البت في هذه المسألة واتخاذ القرار الملائم.
انزعج الحريري من عدم تجاوب أغلبية الوزراء الحاضرين مع مطلب اوغاسبيان، واستعان بـ «سيجار» لتنفيس «احتقانه»، مشددا على ضرورة تحصين حقوق المرأة ودورها، وتشجيع النساء اللامباليات على تفعيل حضورهن في الشأن العام والانتخابات المقبلة، فيما كان وزير السياحة أواديس كادانيان يسارع الى التضامن مع زميله الارمني، قائلا: المرأة هي نصف المجتمع، ونحن نقول اننا ندين العنف ضدها ونريد ان نرفع الغبن عنها في القوانين ومؤسسات الدولة، ولكن كلامنا لا يزال نظريا ومن دون تنفيذ، وهذا يضرب مصداقيتنا، وبالتالي فان نصف المجتمع سيعاقبنا إذا بقينا نتصرف بهذه الطريقة ونعطي المرأة شكليا فقط، لان النساء سيشعرن باننا نضحك عليهن. ولذلك، علينا ان نثبت جديتنا، واذا كان لا بد من تأجيل في حسم مشروع الوزير اوغاسبيان، فليس سوى لفترة وجيزة فقط، في انتظار ان نطلع على رأي وزير المالية.
بعد هذه المداخلة الدفاعية عن المرأة، ابتسم وزير الثقافة غطاس خوري، قائلا: هذا رجل يفهم، ويريد ان ينام في منزله.. واضاف متوجها الى كادانيان: حسنا فعلت، تستطيع ان تذهب الى زوجتك وانت مطمئن..