Site icon IMLebanon

حكومةٌ «مسيَّرة» في قصر الأمير

 

إعتداءٌ إسرائيليّ على الضاحية، وطائراتٌ مسيَّرةٌ في الفضاء، وعلى الأرض غباءٌ وبلاء… همومُ مالٍ واقتصادٍ وعجْـزِ موازنات…

قذارةُ نفاياتٍ على الأرض، وقذارة ُنفاياتٍ في السلطة.

 

حسناً كانت دعوة مجلس الوزراء الى الإنعقاد في قصر بيت الدين، لعلَّ الذين نشأوا على الحليب المجفَّف يتذَّوقون طعم حليب السباع، ولعلّهم يكتشفون مجنوناً يستطيع أن يعالج أزمـةً مستعصية من مـاءٍ أو كهرباء، على غرار ذلك المجنون الذي جـرَّ المياه الى قصر بيت الدين.

 

وفي قصر بيت الدين تشْخَصُ الهامة الكبرى مثالاً يُحتذى لوحدةٍ وطنية عريقة تتخطى عصبية الأديان وصراع المذاهب، إنه الأمير بشير الثاني الذي يقول فيه الدكتور فيليب حتّـي «كان مسيحياً بالمعمودية، مسلماً بزواجه، درزياً لدى أعوانه وابتـنى قصراً يفصل بينه وبين دير القمر كنيسةٌ وجامع…».

 

وهكذا كان شأن معظم الأمراء الشوفيين وفي طليعتهم الأمير فخر الدين الثاني، وقد اختلف المؤرخون حيال مذهب بعضهم في الدين كأنهم كانوا ينتسبون إلى جميع الأديان والملـل.

 

وفي قصر بيت الدين، وفي ظـلّ ما يخيم على البلاد من أجواء خارجية وأهواء، لا بـدّ من أن يُستوحى موقف الأمير الوطني في العلائق الخارجية، فهو حين قدّم الخمور اللبنانية والتين والزبيب لجيش نابوليون، ليس بوصفه جيشاً أجنبياً، بل لأن هذا الجيش كان يزحف الى فلسطين لمحاربة العثمانيين وأحمد باشا الجزار.

 

لعلّ مجلس الوزراء في ذلك القصر التاريخي يتذكّر أنَّ الأمة المتخلّفة لا تُنْـجب العمالقة .

 

عائلة باسيل وحرف «الياء»

دعوةٌ ثانية بالغة الأهمية، هي دعوة الأحزاب الى اجتماع اقتصادي في قصر بعبدا لتحصين «القرارات الموجعة» بسبب الإختلاسات الموجعة.

قصّة معالجة الداء بالداء قد تصحّ مع خمرة أبي نواس لا مع السياسيين السكارى.

 

الأحزاب: هي المسبّب والفاعل والمتورّط في المعاناة الإقتصادية، والإستنجاد بها هو الوجه الهزلي للمأساة التي نحن فيها:

الحزبُ النازي الإلماني لم يتوصّل الى الحكم إلاّ بفضل الإنهيار الإقتصادي وتضخّم عدد العاطلين عن العمل بعد أزمة «1929».

والحزب الشيوعي في روسيا لم يتمكن من قلب الأوضاع السياسية إلا بسبب الإنهيار الإقتصادي والفساد السياسي.

 

والحزبان كلاهما لم تقُـمْ زعامتهما على بحور من الدماء فحسب، بل على اغتيال كل الفضائل «الموجعة»: النزاهة والشرف والكرامة والقيم والإستقامة والوطنية والأخلاق.. وتـمّ تخدير الشعب «بأفيون» التضليل والتدجيل والتحايل والأوهام والـروح الشريرة، فأصبحتِ الطهارةُ فضيحةً، والفضائحُ فضائل، وفي سوق البغاء تصبح البتول هي الزانية.

 

إنها خاطرة تاريخية معاذ الله أن يكون في لبنان ما يشبهها، ولكن… لماذا تكون القرارات الموجعة دائماً على حساب الشعب الموجوع..؟

هل فكَّر الذين راحوا يتطاولون على فِلْسِ أرملةِ شهيدٍ عسكري، أن يمنحوا الخزينة فلساً من رواتبهم المشبوهة..؟

 

قرأت أنّ الوزير جبران باسيل أعـدَّ مشروع قانون لاسترجاع الأموال المنهوبة.. إن استطاع أن يحقق هذا المشروع ، فأنا لن أصفق له لأنني لا أُحسِنُ التصفيق للحكام، بل سأكافئه بما أُحسنُ من علم اللغة فأحذف حرف «الياء» من إسم عائلة باسيل تقديراً للمجهود المبذول من أجل شعب لبنان العظيم .

وإلاّ… كفى، أنْ نعرض أرضاً للبيع في الفردوس.