IMLebanon

جلسة ساخنة لمجلس الوزراء في مقاربة أزمة النازحين السوريين

    الخلاف المستحكم حول الأولويات حال دون مقاربة الوثيقة الرئاسية

    «جمد مجلس الوزراء مناقشة ملف النازحين وكيفية التعامل معه لتجنيب لبنان المخاطر»!

كما كان متوقعاً لم يصل مجلس الوزراء الذي عقد امس في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور الرئيس سعد الحريري، الى أي اتفاق بشأن أزمة اللاجئين السوريين، وبدا واضحاً من خلال ما تسرب عن المناقشات التي دارت في هذه الجلسة حول تلك الأزمة، استمرار الانقسام في المواقف بين الفريق الذي يمثله رئيس الجمهورية والفريق الذي يمثله رئيس مجلس الوزراء، لكن الامور كما يبدو مما آل إليه هذا النقاش تتجه بقوة لابعاد كأس الخلافات عن مجلس الوزراء، وفق ما صرح به الرئيس الحريري في مستهل تلك الجلسة حيث دعا مجلس الوزراء الى وضع المواضيع الخلافية جانباً حرصاً على استمرار الانسجام الوزاري، وحفاظاً على وحدة الحكومة التي اتفق الجميع على هذا المبدأ.

أسباب الخلاف حول ملف النازحين السوريين أصبحت معروفة من خلال المواقف التي اعلنتها الاطراف المشاركة قبل انعقاد مجلس الوزراء وهي ان هناك فريقاً ممثلاً بحزب الله والتيار الوطني الحر والوزراء المحسوبين على فريق الثامن من آذار يقترح لحل ازمة النازحين والعودة الى ديارهم ان تتواصل حكومة الحريري المسماة حكومة إعادة الثقة مع النظام السوري الذي هو مستعد للتعاون في هذا الامر الى أقصى الحدود، في حين يرفض فريق رئيس الحكومة هذا الاقتراح استناداً الى امرين الاول انه موضوع خلافي وهناك اتفاق بين كل الاطراف الممثلين بالحكومة على تجنب اقحام مجلس الوزراء في المواضيع الخلافية، ومن المستحسن ابقاؤها جانباً حفاظاً على التضامن الحكومي والحؤول دون الخروج على هذا التضامن الذي يصبح مفتوحاً على كل الاحتمالات بما في ذلك فرط التسوية الاساسية التي انتجت هذه الحكومة والتي انتجت قبلها انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية. والامر الثاني يتعلق بالسياسة العامة التي تتبعها الحكومة بناء على هذه التسوية وهي ان يبقى لبنان بمنأى عن الصراعات والخلافات العربية استناداً ايضاً الى وثيقة بعبدا التي اقرتها طاولة الحوار في العهد السابق اضافة الى التسوية التي أتت بالرئيس عون الى رئاسة الجمهورية والتي حرص من خلالها على ان يؤكد مبدأ النأي بالنفس في خطاب القسم امام مجلس النواب الذي انتخبه بأكثرية تجاوزت ثلثي عدد اعضاء هذا المجلس.

وعلى هذا الاساس جمد مجلس الوزراء مناقشة ملف النازحين وكيفية التعامل معه لتجنيب لبنان مخاطر بقاء ما يساوي نصف عدد سكانه الاصليين مع ما يشكلون ليس من عبء على الدولة بل من مخاطر على الامن السياسي والاجتماعي من جهة وعلى امكانية تسلل الاسلاميين المتطرفين وتحديداً داعش من خلالهم لضرب الاستقرار الامني الذي ما زال لبنان ينعم به بفعل سياسة الامن الاستباقي التي يتبعها الجيش وكل القوى الامنية الاخرى من أفق عام وشعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي.

ومن هنا تجمع المصادر السياسية على ان الحكومة اثبتت من خلال ما آل اليه النقاش الذي دار امس في جلسة مجلس الوزراء، قدرتها على المحافظة على وحدتها الداخلية وعلى الانسجام التام بين كل مكوناتها المختلفة، بإقرار الجميع على وجوب ان تبقى القضايا الخلافية بعيدة عن السجالات الداخلية وفق ما نبه اليه رئيس الحكومة سعد الحريري في مستهل الجلسة، وعندما طرح ملف النازحين على طاولة مجلس الوزراء، وهذا بحد ذاته يعتبر انجازاً مهماً بعد ما كان البعض يراهن على الانقسام داخل الحكومة بما لها من انعكاسات سلبية على التسوية القائمة والتي أدت الى دخول لبنان في حالة الاستقرار السياسي والتأسيس عليه لاطلاق مسيرة العهد بالقوة المطلوبة، وبما وعد به الرئيس عون قبل وبعد انتخابه رئيساً للبلاد.

غير ان المراقبين تساءلوا في ذات الوقت عن مصير الوعد الذي قطعه رئيس الجمهورية بعد اجتماعه برؤساء الاحزاب العشرة الممثلين بالحكومة، وعن مصير ورقة العمل او الوثيقة التي اقرت في ذلك الاجتماع والتي لقيت ترحيباً واسعاً كونها تفعّل عمل الحكومة وتسرّع في الانتاجية المطلوبة لمواجهة سلسلة المشاكل والتحديات التي تواجه لبنان، نتيجة ذلك الانقسام الذي شل البلد بشكل شبه كامل وعطل كل المؤسسات واوقف حركة النمو في البلاد الى درجة كبيرة يصعب التغلب عليها الا في حالة تم التوافق بين الاطراف الداخلية على نبذ الخلافات المستعصية او على وضعها جانباً في مقابل الاتفاق على خطة للنهوض الاقتصادي والمالي والاجتماعي، تجمعت كلها في الوثيقة التي اعدها القصر الجمهوري ووافق عليها رؤساء الاحزاب العشرة الذين التقوا في القصر قبل حوالى اسبوعين تلبية لدعوة من رئيس الجمهورية، وحسب هذه المصادر فإن الخوف على مصير هذه الوثيقة ما زال يخيم فوق اجواء مجلس الوزراء رغم الارادة القوية عند رئيس الجمهورية لاطلاق مسيرة عهده من خلال تفعيل عمل الحكومة وتنفيذ مضمون الوثيقة التي اشرف على كل بند فيها، وكانت دعوته في مجلس الوزراء الحكومة الى ضرورة الالتزام بتنفيذ كل بنودها مؤشراً ايجابياً يبعث على الارتياح بأن الرئيس حريص على اطلاق عجلة اعادة بناء الدولة ومؤسساتها على اسس سليمة وثابتة على غرار ما هو معمول به في الدول المتقدمة، لكن مجلس الوزراء لم يتوقف عند هذه الدعوة بسبب غرقه في الملفات الخلافية الاخرى التي طافت على سطح قاعة الاجتماع على ان يعود اليها في جلسات لاحقة حيث قرأ المراقبون هذا التجاوز لمجلس الوزراء على ان الوثيقة لا تعتبر عند معظم الوزراء من اولويات الحكومة.