مئة يوم مرت على اندلاع انتفاضة 17 تشرين الأول، التي وضعت جميع المسؤولين في سلة واحدة، محملة اياهم المسؤولية عن الانهيار المالي والاقتصادي، نتيجة سياسات مارسوها اتسمت بالمحاصصة والفساد والهدر وسرقة المال العام.
سبقت الانتفاضة الشعبية “انتفاضة” أخرى كان يجري الإعداد لها من عصب السلطة الأساسي. فعشية 17 تشرين كان المشهد في البلد مشدوداً في اتجاه آخر. صحيح ان عوامل الغضب على السلطة كانت تتراكم، الا ان محاولات تضييع المسؤولية كانت ناشطة بحماس. قبل أربعة ايّام، كان رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل يهدد بـ”قلب الطاولة ” في انتظار إشارة من الرئيس ميشال عون، وباسيل كان اجتمع قبل 3 ايام من خطابه الشعبي في ذكرى 13 تشرين بالأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله. استمر الاجتماع وقتاً طويلاً وانعكست حيثياته في خطاب 13 تشرين، والحديث عن قلب الطاولة وفتح التواصل مع نظام بشار الاسد، ليس الا رأس القائمة التي تم التداول فيها.
كان “حزب الله” يعد في الوقت عينه لحملته على المصارف والنظام المصرفي، بسبب ما اعتبره تعاوناً من جانب البنوك اللبنانية مع المالية الاميركية، وفي سياق التنسيق التصعيدي مع الحلفاء انطلقت تظاهرات امام البنك المركزي، ثم سجلت عراضات مسلحة في كيفون وشارع الحمرا… وجاءت ذكرى 13 تشرين لتتحول محطة إنذار للطرف الآخر في السلطة وهو تحديداً “تيار المستقبل” بضرورة الانضباط تحت راية تحالف “حزب الله” و”التيار”… الا ان الانتفاضة عطّلت هذا المسار وفرضت منطقاً آخر من خارج تصفية الحسابات بين أطراف السلطة، وجعلت التحالف المهيمن يفقد شريكه و”واجهة ممارسته الحكم”، لينحدر، تحت ضغط الانتفاضة الى الانكفاء في زاوية مربعه الأول: 8آذار!!!