IMLebanon

تبلور جبهة مُعارضة «هجينة» في مجلس النواب

 

رسّخت مجريات الجلسة الأخيرة لمجلس النواب والتي تم خلالها انتخاب 5 أعضاء للمجلس الدستوري فكرة تبلور جبهة معارضة «هجينة» تضم الى نواب حزب «الكتائب» الـ3، سامي الجميل ونديم الجميل والياس حنكش، النواب بولا يعقوبيان وجميل السيد واسامة سعد. فانسحاب نواب «الكتائب» ويعقوبيان والسيد والذين انضم اليهم النائب في تكتل «الجمهورية القوية» جان طالوزيان من الجلسة التي انتقدوا بشدة ما حصل خلالها من «تجاوزات دستورية» على حد تعبيرهم، سبقه الكثير من المواقف المنسجمة للنواب السابق ذكرهم وان كانت تفرقهم ملفات ذات طابع استراتيجي تمنع تلاقيهم.

 

فاذا كانت يعقوبيان تنسق مؤخرا مع الصيفي وهو ما نتج عنه اعادة تقديم اقتراح قانون السرية المصرفية المقدم من «التيار الوطني الحر» بعد اضافة تعديلات وتحسينات تضمن تطبيقه بشكل جيد، فان لا تنسيق يُذكر بين الثنائي «الكتائب» والنائبين سعد والسيد اللذين يتماهيان مع رؤية قوى 8 آذار للملفات الاستراتيجية. ويشكل كل من النائبين السابق ذكرهما اضافة الى يعقوبيان حالة خاصة في البرلمان، باعتبار ان لكل منهم مشروعه ورؤيته وطريقة التعبير عنه، الا ان ما يجمعهم هو معارضة طريقة ممارسة الحكم وعدد كبير من المشاريع التي تتفق عليها القوى السياسية الرئيسية التي تشكل حاليا السلطة الحاكمة.

 

ولم ينضم السيد، وبعكس ما رجح كثيرون الى كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية، وفضّل أن يغرد خارج سرب حزب الله والابقاء على استقلالية في مواقفه وعمله النيابي تماما كأسامة سعد الذي لم ينضو رغم كل التمنيات من أكثر من فريق في «اللقاء التشاوري السني» أو غيره من التكتلات، وهو يمارس حاليا عمله البرلماني بنفس معارض وان كان ليس بشراسة عمل يعقوبيان التي تتصدر منذ انتخابها واجهة المعارضة مصوبة على آداء عدد كبير من الوزراء وعلى السلطة الحاكمة ككل. فبعكس «الكتائب» الذي حاول بعد صفعة الانتخابات النيابية التي قلصت كتلته الى 3 نواب أن يعيد حساباته ما جعله يراجع آداءه السياسي ككل ويعطي القوى الحاكمة فسحة من الزمن وفترة سماح، وهو ما قرأه كثيرون انه محاولة للتقرب من العهد، اعتمدت يعقوبيان منذ دخولها الندوة البرلمانية نبرة مرتفعة في مخاطبة قوى السلطة، متكئة على المثل القائل «اللي جرب المجرب بكون عقلو مخرب».

 

وقد عاد «الكتائب» مؤخرا ليلاقي يعقوبيان عند منتصف الطريق مستعيدا خطابه السياسي السابق عالي النبرة، وهو ما يمهد لتعاون في أكثر من ملف بين الطرفين رغم اصرارهما على الحفاظ على استقلالية بعضهما البعض وعدم الاندماج في اي تكتل من اي نوع كان.

 

وتتهم قوى السلطة قوى المعارضة الحالية بعدم الجدية في العمل وبمحاولة التصويب على العهد بكل الوسائل والطرق لاسقاطه. ويقول أحد النواب الحزبيين البارزين: «للاسف ما تمارسه مجموعة صغيرة من النواب ليس العمل المعارض المطلوب للمساهمة في النهوض بهذا البلد، انما هي تعتمد المعارضة التدميرية التي تهدف للاطاحة بكل ما من حولها غير آخذة بعين الاعتبار مخاطر ما تقوم به، وبأن الهيكل اذا وقع سيقع على رأسنا جميعا دون استثناء».

 

ويرى المصدر النيابي أن «المعارضة اليوم لا تقدم البدائل الواقعية والمنطقية، فهي تهاجم اي طرح تخرج به الحكومة وتعد لوائح طويلة وعريضة تبني عليها حملاتها من دون ان تعرض البدائل، واذا فعلت كانت بدائل غير قابلة للتطبيق أو انها تحتاج وقتا طويلا ما يؤدي لتفاقم الأزمة التي نكون نسعى لمعالجتها». ويضيف المصدر: «ولعل أبرز مثال عما نتحدث عنه هو ملف النفايات، اذ يهاجم المجتمع المدني خيار المحرقة المعتمد في أكثر دول أوروبا تقدما واحتراما لحقوق الانسان والبيئة بحجة ان التجربة اللبنانية غير مشجعة بموضوع الرقابة، وكأنهم يقولون ان هذا البلد يعمه الفساد ولا سبيل لنهوضه والمفترض أن نرضخ الى أبد الآبدين لهذا الواقع». وتساءل: «أهذه هي المعارضة البناءة التي نطمح اليها؟ فبدل أن يضعوا يدهم بيدنا ويشرفوا معنا على تحقيق الرقابة المطلوبة يهاجمون المشروع طارحين الفرز كحل بديل وهم يعون تماما أن الفرز جزء بسيط من الحل في ما المطلوب حل متكامل لا يقدمون أية رؤية واضحة له».

 

وبغض النظر عن مآخذ فريقي المعارضة والسلطة على بعضهما البعض، الا ان تبلور ملامح أكثر من جبهة في البرلمان وتفعيل عمل قوى المعارضة يعزز مفهوم النظام الديمقراطي في لبنان الذي يكاد يتلاشى على حساب نظام المحاصصة المذهبية والطائفية والحزبية الذي يتظهر في المرحلة الراهنة «بأبهى حلله».