Site icon IMLebanon

قنبلة برّي وشظاياها  

 

الرئيس نبيه بري زعيم غير إعتيادي… إنه نسيج وحده في كل شيء تقريباً. وليس بالأمر البسيط أن تخلف العملاق الإمام السيّد موسى الصدر (بعد الرئيس حسين الحسيني أمدّ اللّه في عمره) وتبقى هذه المدّة الطويلة في القيادة والقاعدة «الأملية» تزداد تحلقاً حولك.

 

وليس بالأمر السهل أن تبقى المدّة الطويلة رئيساً لمجلس النواب (ربع قرن) وليس لك منافس، بل بالإجماع النيابي حتى من الذين يكونون، أو قد يكونون، على خلاف (وربما على خصام) سياسي معك… ثم يقبلون على إنتخابك.

وليس أمراً عادياً أن تترأس كتلة نيابية كبيرة من دون يُسْمَع أي تذمر من هذا النائب، وأي إنتقاد من ذاك، وأي مجرّد عتب من ذلك.

وليس أمراً يمكن أن يتكرّر بسهولة، ان تجمع تيار المستقبل وحزب اللّه في حوار مستدام مهما كانت نتائجه ويكفي أنه نجح في امتصاص الكثير من التشنج الذي كان بمثابة الوقود للفتنة السنية – الشيعية في لبنان.

أمّا إدارته الجلسات النيابية (بشقيها التشريعي والرقابي) فحدّث ولا حرج وهو الذي أجاد في أن يجاري المرحوم الرئيس صبري بك حمادة في السلاسة والمرحوم الرئيس كامل بك الأسعد في الصرامة.

وعلى صعيد المواقف فالرجل مشهور بها في المجالات كافة السياسية والإدارية وذات الصلة بتقاسم  الحصص وهو صاحب القول الشهير «ع السكين يا بطيخ» بالنسبة الى ما يعتبره حقاً للجماعة أو للحركة أو لعين التينة.

ولقد يكون في غاية الصعوبة أن يوجد نائب واحد يجرؤ على التقدم بآراء تكسر، عملياً، جدار التردد في شأن الإنتخابات النيابية العامّة كما فعل بري عبر إلقائه، أمس، قنبلة مفاجئة تجاوزت شظاياها عين التينة وساحة النجمة معاً، لتصل الى السراي حيث تلقفها الرئيس سعد الحريري والى نيويورك حيث يترأس الرئيس ميشال عون وفد لبنان الى الدورة العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة… وفي المعلومات المتوافرة أنّ كلاً من عون والحريري لم يتعامل مع المفاجأة البرية على أنها قنبلة دخان، بل على أساس أنها «مدروسة جداً»، وإنها ستستأثر بالإهتمام الكبير الشعبي والسياسي والوطني عموماً خلال الأسابيع المقبلة على الأقل.

وفي التقدير أن الرئيس نبيه بري أحرج كلاً من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة باقتراحه إنهاء ولاية مجلس النواب (عملياً حل المجلس) ابتداء من نهاية العام الجاري على أن تجرى العمليات الإنتخابية في الخريف الجاري، أي قبل موسم الأمطار.

السؤال البدهي الذي تداوله الديبلوماسيون والمسؤولون والوزراء والنواب أمس كان: مع من نسّق الرئيس بري قبل أن «يطلع» بهذا الإقتراح؟ الجواب تقاطع عند حتمية تشاوره مع سماحة السيد حسن نصراللّه أمين عام حزب الله. والبعض قال: لعلّه «نسّق» مع الرئيس العماد ميشال عون بصورة أو بأخرى، قلة قالت إنه نسّق مع الرئيس سعد الحريري. فيما راحت قلّة الى القول: إنه لم ينسّق مع أحد وهو أراد أن يضع الجميع أمام الأمر الواقع.

هل يتحقق إقتراح بري ويحل مجلس النواب نفسه بنفسه ليعود أعضاؤه الى بيوتهم في الأول من العام 2018؟ وهل تجرى الإنتخابات النيابية العامة في خلال الأسابيع المقبلة؟

نواب أجابوا أمس بقولهم: إن أبا مصطفى لم يعتد أن يتقدم باقتراحات فضفاضة، وإن المناورة غير واردة على الإطلاق في حسابه هذه المرة… وإنه لو لم يكن ضامناً الأكثرية النيابية (الدستورية) لهكذا قرار لما أقدم على طرحه.

وعندما سئل هؤلاء: وما هو موقف نواب التيار الوطني الحر؟ أجابوا: ليس نواب التيار وحدهم، بل النواب عموماً خصوصاً وأن جميع الذين مدّدوا ادّعوا أنهم إنقادوا الى التمديد لأنفسهم وهم (كما زعموا) غير مؤمنين به  ولا يريدونه.

يبقى أنه في حال الموافقة على الإقتراح سيكون له ضحيتان: الإنتخابات الفرعية في كسروان وطرابلس، والبطاقة البيومترية التي يتعذر إنجازها في الأسابيع المقبلة.