IMLebanon

التوريث فولكلور لبناني نهاية للزعماء التقليدين؟!

لم يكد رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط يفسح مكانه لنجله تيمور وإلباسه عباءة الزعامة الجنبلاطية، حتى اعلن الرئيس امين الجميل عزمه عن التخلي عن رئاسة حزب «الكتائب اللبنانية» ليتفرغ «لبيت المستقبل» افساحاً في المجال للكوادر الكتائبية بتجديد نفسها وفق كلامه، معطياً بذلك الاشارة لحلول نجله النائب سامي الجميل مكانه في رئاسة الحزب التاريخي الذي بلغ عتـيّـا من العمر وفق الاوساط المواكبة للساحة السياسية، ليبدأ العد العكسي لتكريس واقع جديد على الرقعة الكتائبية كان حصوله متوقعاً بعدما نجح سامي في الامساك بالمفاصل الاساسية داخل الحزب وهو القادم اليه مع مجموعته التي عرفت باسم «لبناننا»، وسيشكل المؤتمر الكتائبي العام الذي سيعقد في حزيران المقبل النقطة الفاصلة والخطوة الاولى لتكريس الوراثة الطبيعية، كون معظم الاحزاب التقليدية لم تعرف عبر تاريخها سوى ان تكون اليافطة التي ترفعها البيوتات السياسية تحت مسميات حزبية.

وتضيف الاوساط ان التوريث السياسي فولكلور معروف على الساحة السياسية وان الوريث لدى جميع البيوتات السياسية اما ان يضيف دفعة جديدة على الموروث واما تشكل الوراثة بداية نهاية للزعامات التقليدية، فعلى سبيل المثال لا الحصر ان وراثة العميد ريمون اده لوالده الرئيس اميل اده عوّمت الزعامة «الاداوية» عبر حزب «الكتلة الوطنية» فطغت شخصية العميد على الارث السياسي الى حد أمحت فيه صورة والده فالعميد كان شخصية فذة مسكونة بكل ما هو ديموقراطي حتى لقب بأنه «ضمير لبنان» وربما هذا الامر حال دون وصوله الى رئاسة الجمهورية كونه ليس من قماشة تقدم التنازلات مقابل الوصول الى الكرسي الاولى، واذا كانت شخصية العميد الفذة قد جعلت ناسه ينسون والده الا ان وريثه العميد كارلوس اده ولو يشهد له بأنه يمتلك شيئا من استقلالية وصدقية العميد الاول الا انه لا يقاس به من كافة الزوايا، وهذا الواقع ينسحب على حزب «الوطنيين الاحرار» فالفرق شاسع بين قامة الرئيس كميل شمعون ونجله الوريث دوري شمعون، فالرئيس الراحل ملأ الدنيا وشغل الناس واستطاع في عام 1957 في اسقاط الراحل كمال جنبلاط في الانتخابات النيابية بينما وريثه استحال عليه الوصول الى مقعده لولا الرضى الجنبلاطي كما هو معروف.

وتشير الاوساط الى انه بموازاة انطلاقة التوريث يعمل رئىس «التيار المردة» النائب سليمان فرنجية بهدوء لتسليم الامانة لنجله طوني والنائب فرنجية الذي ورث جده الراحل الرئيس سليمان فرنجية وهو فتى نجح في تثبيت زعامة البيت على الرغم من كافة الظروف القاسية التي اطاحت بمسيرته السياسية، فاذا كان التوريث كما اسلفنا جزءاً من الواقع السياسي وقد ينجح الوارثون في الاستزادة او العكس الا ان المزاج الشعبي على الساحة المسيحية كما بقية الساحات على مستوى البلد اثبت انه يفضل التغيير والخروج من عباءة الزعامات التقليدية وهذا الامر اثبتته ظاهرتي العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع اللذين وصلا الى الحلبة السياسية من الطبقة الشعبية التي كادت تبتلع البيوتات التاريخية، حيث يتقاسم الرجلان الرقعة المسيحية بشكل ندّي وباتا يشكلان ممراً اجبارياً لمن يريد الوصول الى بعبدا، فالرجلان لم يرثا ولن يورثا لاسبابه تتعلق بتركيبة قواعدهما «فالتيار الوطني الحر» الذي لم يستطع حتى الساعة بالارتقاء الى مصاف الاحزاب ما يعني ان حالة الجنرال وحدها تشكل العصب الوجودي له، واذا ما انحسر هذا العصب لسبب او لآخر فإن التيار قد يغرق في نزاعات الكوادر التي ستؤدي الى ضموره وفقدان دوره المرحلي الفاعل ليحذو حذو التيارات التاريخية التي انتهت برحيل مؤسسيها.

وتقول الاوساط ان الامر يختلف لدى «القوات اللبنانية» كحزب يمتلك هيكلية تنظيمية معروفة وان انتخاب الرئىس يخضع لمعايير دقيقة تفصل بشكل صارم بين «المؤسس» و«المؤسسة» لا سيما وان جعجع خبر عن قرب حزب «الكتائب اللبنانية» الذي انتمى اليه وعاصر الصراعات داخل كواليسه وعاصرعمليات التوريث التي اوصلت الحزب الى واقعه الراهن الذي ان دل على شيء فعلى انه شاخ مع نظيريه «السوري القومي الاجتماعي» والحزب الشيوعي اللبناني على قاعدة «لو دامت لغيرك لما آلت اليك».