في خضم الخلاف الداخلي المستمر حول مفردات العودة للنازحين السوريين، والتي لم تغب عن مداخلات النواب في جلسة منح الثقة للحكومة الجديدة، كشفت مصادر ديبلوماسية في بيروت، عن توجّه لدى كل من موسكو وبيروت في آن، لإعادة الزخم إلى المبادرة الروسية من أجل إعادة ملايين السوريين من لبنان، كما دول الجوار السوري، وذلك في إطار حراك ديبلوماسي يهدف إلى إتمام هذه الخطوة. وفي هذا السياق، تتحدّث مصادر نيابية مطّلعة على مراحل هذه المبادرة منذ الإعلان عنها في العام الماضي، عن أن هذا العنوان يشكّل أولوية في جدول أعمال الحكومة الجديدة، بعدما كان قد تحوّل إلى ملف ضاغط في الفترة الأخيرة، خصوصاً في الوقت الذي بات من الواضح فيه أنه، وبعد سبعة أشهر على إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن مبادرته لإعادة كل النازحين إلى بلدهم الأم سوريا، لم يتم إلى الآن تحديد أطر وتفاصيل وآليات تنفيذها، على الأقلّ في لبنان، حيث التنسيق تام ما بين رئاسة الحكومة وموسكو، وذلك، كما تقول المصادر ذاتها، بنتيجة التباين في الموقف الداخلي اللبناني أولاً، كما على المستوى الدولي ثانياً، وبشكل خاص على المستوى الأميركي ـ الروسي، وبسبب الإختلاف في تحديد الظروف المناسبة لهذه العودة، حيث أن المصادر النيابية، أكدت على وجوب أن يضمن المجتمع الدولي عملية الدعم للنازحين بعد عودتهم، وأن تستمر المساعدات بالوصول إليهم، كما هي الحال في بلدان النزوح وتحديداً في لبنان.
واعتبرت هذه المصادر النيابية نفسها، أن الحديث عن العودة بات يتكرّر بشكل يومي في الخطاب السياسي، ومن المتوقّع، ومع انطلاقة أعمال الحكومة، أن تتّسع دائرة السجالات، وذلك في ضوء الإنقسام حول التعاطي الرسمي مع دمشق في ما خص هذه القضية، بالإضافة إلى الإنقسام حول مفردات العودة الطوعية أو القسرية أو الآمنة. وقالت المصادر، أن رئاسة الحكومة تركّز على إطلاق مرحلة جديدة من العمل المركّز والتعاون مع موسكو، وذلك من أجل الوصول إلى التوافق حول الخطوات العملية التي ستمهّد لترجمة بنود المبادرة الروسية في أقرب فرصة ممكنة، وذلك، بصرف النظر عن التسوية السياسية في سوريا، أو عن عملية العودة من تركيا والأردن.
وفي الإطار نفسه، رأت المصادر النيابية، أن المقاربة المعتمدة من قبل الحكومة مجتمعة، وليس من قبل أي جهة منفردة، هي التي ستحدّد خارطة طريق العودة، لافتة إلى أن رئيس الحكومة سعد الحريري، قد تناول هذه المسألة بكل تفاصيلها، وأكد على انفتاح لبنان الرسمي من أجل تنسيق الخطة المقبلة تحت عنوان «إنهاء مأساة النزوح» من دون الإنزلاق إلى أيّ مواجهات داخلية على المستوى السياسي بين الأفرقاء المعترضة على فتح قنوات تفاوض مع سوريا من أجل العودة وتفعيلها، لا سيما وأن الإنقسام العامودي ما زال يسجّل لجهة التعاطي مع الجانب السوري في هذا الملف. وكشفت المصادر أن الحريري، أعلن أمام العديد من زواره في الأسبوعين الماضيين، عن وجوب إبقاء هذا الملف بعيداً عن التجاذبات السياسية من أجل تحقيق الأهداف المنشودة من المبادرة الروسية.