Site icon IMLebanon

تاريخ أسطوري للمسجد الأقصى

منذ أيام ١٤/٧/٢٠١٧ أقفلت اسرائيل أبواب المسجد الأقصى ومنعت الدخول لأي كان لأسباب لم تعلن عنها. ويقوم الاسرائيليون بتحركات داخل المسجد وأروقته والطبقات السفلى منه. وتعددت التكهنات، ومنها ما يقول بأن الأمر مرتبط بمصير القدس، ومنها ما يعتبر انها تكملة للحفريات الجارية منذ العام ١٩٧٠ في محيط المسجد وفي جوار أساساته. وأثار هذا الحدث هيجانا شعبيا في أوساط الشعب الفلسطيني، وتعمل اسرائيل على كبح تحركاته بشدّة متناهية. ومهما يكن من أمر، لا يمكن إغفال احتمال نيّة اسرائيل في اختبار ردّ الفعل في العالمين العربي والاسلامي، وقياس مدى صدقه وعمقه وقوته، لتبني على الشيء مقتضاه! ذلك أن إقفال المسجد الأقصى حدث استثنائي ومستفز لمشاعر المسلمين في العالم… واذا سكتوا عنه اليوم، فهذا يعني انهم سيسكتون عما هو أفظع منه لاحقا!

للمسجد الأقصى في القدس تاريخ أسطوري بكل المقاييس. من ذلك ان أحدا لا يعرف على وجه الدقّة والى يومنا هذا، من بنى هذا المسجد! وبعض المؤرخين يعيد بناء المسجد الى عهد اليبوسيين ٣٥٠٠ – ١٥٠٠ ق.م، وتحديدا الى قبيلة كنعانية يعود اليها بناء مدينة القدس، أو أورسليم وتحوّلت الى أورشليم لاحقا. وتعاقب في السيطرة على المسجد والمدينة كل من الفراعنة ١٥٥٠ – ١٥٠٠ ق.م، وداوود وسليمان والبابليون والفرس والإغريق في عهد الاسكندر ٣٣٢ ق.م، والسلوقيون والرومان وبيزنطية بعد انقسام الامبراطورية الرومانية.

الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب تسلم مفاتيح المدينة دون قتال بعد حصارها عام ١٦ للهجرة ٦٣٦م، وأعطي أهلها الأمان العهدة العمرية. وذهب الى هناك بصحبة البطريرك صفرونيوس، وزارا كنيسة القيامة في طريق الذهاب الى القدس. وكان الموقع يومها هضبة خالية في قلبها الصخرة المقدسة، فأمر الخليفة عمر ببناء المصلّى الرئيسي. وفي العهد الأموي تمّت التوسعة وبناء القبّة الذهبية فوق الصخرة. ودمّر الزلزال الموقع مرتين: عام

٧٤٦ وأعيد إعماره في العهد العباسي، وعام ١٠٣٣ وتمّ اصلاح الأضرار في العهد الفاطمي.

الحملة الصليبية ١٠٩١ حوّلت الموقع الى مقر لفرسان الهيكل، وتمّ بناء دير وكنيسة قرب موقع المسجد. واستعاد صلاح الدين المدينة والمسجد من الصليبيين ١١٨٧. وفي العهد العثماني تمت تصليحات وتحسينات ١٥١٧، وقام مفتي القدس أمين الحسيني بورشة اصلاحات ١٩٢٢ وسقطت القدس في حرب العام ١٩٦٧، وأحرق متطرّف اسرائيلي المسجد ١٩٦٩. وفي ثمانينات القرن الماضي تآمر يهوديان من عصابة غوش أمونيم على تفجير المسجد وتدميره. وفي العام ٢٠٠٠ اقتحم شارون المسجد واندلعت الانتفاضة الأولى التي استمرت خمس سنوات!

كان المسجد الأقصى هو القبلة الأولى للمسلمين بعد الهجرة لمدة ١٦ شهرا، وبعدها توجهوا الى المسجد الحرام. وردّ فعل العرب والمسلمين اليوم على ما يجري في الأقصى هو الذي سيقرر المصير. واذا اعتبرت اسرائيل ان ردّ الفعل ضعيف، فانها ستمضي في تنفيذ حلمها القديم بتدمير الأقصى واقامة الهيكل في مكانه!