منذ اليوم الأول لهذه الأزمة العبثية لم نتخلّ يوماً واحداً عن تفاؤلنا بأنها الى نهاية غير بعيدة، وأنها ستنتهي بالتوافق، لأنها إذا لم تصل الى النهاية الحميدة فهي ستجرّ البلد الى أزمة كبرى… ولأنّ الجميع يعرفون هذه الحقيقة، فهي ستنتهي.
وقد إنتهت مبدئياً بالإتصال التلفوني الذي أجراه الرئيس العماد ميشال عون مع الرئيس الأستاذ نبيه بري. ولكنها إنتهت رسمياً أمس في اللقاء الموسّع الذي عقد في بلدية الحدث وحضره نواب المنطقة إضافة الى النائب علي بزي ممثلا الرئيس بري كرئيس لمجلس النواب وكرئيس لحركة أمل وطبعاً كزعيم وطني كبير، مثله مثل الرئيس عون وسماحة السيد حسن نصرالله أمين عام حزب اللّه.
الأزمة إنتهت على ما نأمل ويأمل اللبنانيون جميعهم، بفضل جهود حثيثة أجريت كان أبرز المساهمين فيها السيد نصرالله والرئيس سعد الحريري ومدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي لم تقتصر مروحة وساطاته على البعد الداخلي الخارجي (الإقليمي والدولي)، وحسب، بل تناولت أيضاً البعد الداخلي. وهذه ليست المرة الأولى التي يبذل فيها اللواء المساعي الحميدة وينجح فيها. مع التأكيد على أن تلك المساعي كانت مدعومة من مختلف القيادات والأطراف… ولقيت، سلفاً، قبولاً (بمثابة الدعم من فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس مجلس النواب).
نقول إن الأزمة إنتهت، ولعلّ أهم من إنتهائها أخذ العبرة منها، كي لا نقع دائماً وأبداً، بسبب ومن غير سبب، في أزمات قد لا تُـجدي فيها الوساطات نفعاً أو تهدئة.
أولى العِبَر أنّ لبنان لا يتحمل الخضات. ولعلّ دقة السوق المالي خلال أيام الأزمة الثلاثة كافية لردع مستطيبي الأزمات، ودعوتهم الى التوقف عن افتعالها.
وثانيتها أنّ الأوضاع الإقتصادية المتأزمة وضيق ذات اليد تجعل النفوس مهيأة لتلقف الأزمات، والسير في مسار الفتنة… وكم كان المشهد مروّعاً ونحن نسمع شباناً في عمر الورود يتحدّثون (وفي الشارع) عن توقهم الى عودة الحرب، وهم الذين لم يعيشوها، ولم يدركوا ويلاتها ومآسيها.
والعِبرة الثالثة أنّ للإعلام دوراً مهماً في التهدئة كما في التحريض (ولا نزيد حالياً في هذه النقطة).
والرابعة أنه لا يجوز أن يبقى من سرّب الفيديو اللعين مجهولاً – معلوماً. ويجب أن يعلن إسم المسرِّب /ة على الملأ ليتبين ما إذا كان التسريب مقصوداً للتخريب، أو صادراً عن «حمرنة» وليتق اللّه باثّو الشائعات ومسرّبو السلبيات (…).
والخامسة أن العدو الإسرائيلي ينتظرنا جميعاً على الكوع… وإنتظاراته موجعة: من التلويح بالعدوان الأمني الى التلويح بالعدوان الإقتصادي الكبير (إدعاء الحق في البلوك رقم 9).
وأم العِبَر أنّ لا بديل عن وحدتنا، وأن خلافاتنا الحادة تتهدد وحدتنا فتربكنا جميعاً، وتضعفنا جميعاً (…) وللبحث صلة.