IMLebanon

درس من التاريخ  

 

أن يذهب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لزيارة ضريح الزعيم المغفور له جمال عبدالناصر في ذكرى «حرب تشرين» ويقرأ الفاتحة، هو بحد ذاته حدث يجدر التوقف عنده والتمعن فيه:

 

إنّه درس في التاريخ يفترض أخذ العبرة منه، بأنّ الإنسان يُذكر بأعماله خصوصاً أنه بعد 47 سنة على رحيل ذلك القائد التاريخي الكبير، فهو لا يزال موجوداً بيننا… وهذه ليست المرة الوحيدة التي يرتبط بها اسم الرئيس السيسي باسم القائد جمال عبدالناصر، إذ إنّه بعد ثورة الشعب المصري في 2011 ونزوله بالملايين العريضة الى الشارع، استذكر المراقبون جمال عبدالناصر الذي كان «حبيب الملايين»، ولا بد، في هذا السياق، من تقدير الدور الكبير الذي أدّاه الجيش المصري الذي رفض أن يقمع إرادة الشعب الغلاّبة… ولا تزال ماثلة في الأذهان صورة رتل من الدبابات على «كوبري 6 اكتوبر» والجنود فيها، بينما الشعب يملك ملء حريته في التظاهر من دون أن يتعرّض له أي ضابط أو جندي، وهذه نقطة تسجّل في مصلحة الديموقراطية المصرية، كما تؤكّد على أنّ الشعب المصري هو حقيقة شعب مناضل، حاضر لمؤازرة قضاياه الوطنية الكبيرة والدفاع عنها بالاندفاع الموّاج الى الشارع، وتلك هي قمة الديموقراطية.

وهنا نريد أن نسجّل أيضاً للرئيس حسني مبارك أنّه في بداية الصورة كان بإمكانه إصدار الأوامر للجيش بالتصدّي للمتظاهرين ولكنه رفض، ومرّة ثانية رفض أن يغادر بلده (توجّه الى ابوظبي وعاد) والأهم في الدلالة على ديموقراطية مبارك أنه اختار أن يتنحّى عن السلطة.

نقول هذا الكلام كله لنعود الى هذا المجرم بشار الأسد الذي بالرغم من سقوط أكثر من نصف مليون شهيد من الشعب وتهجير نصف الشعب (11 مليوناً) وتدمير سوريا مدناً وأريافاً… ومع ذلك ما زال يتصدّى للشعب بالحديد والنار رافضاً أن يتنحّى علماً أنّ فضل بقائه في السلطة يعود الى الروسي والايراني والحرس الثوري و»حزب الله» وسائر الميليشيات الشيعية(…).

وهذا أيضاً ما حصل مع الرئيس الليبي معمّر القذافي الذي وصف انتفاضة شعبه بأنها حراك للجرذان، فكان مصيره إحكام قبضة الشعب عليه وهو يختبئ في مجرور للصرف الصحي، فعاقبه الشعب راداً إليه إساءاته كلها بأكبر منها.

فلا يظن بشار الأسد أنّ الأمور انتهت عند التحوّلات التي حصلت بقوة الخارج، وبعشرات الدول التي شكلت ائتلافاً يقاتل خصوم بشار ويساعدونه عملياً في قتل الشعب وتدمير سوريا.

عوني الكعكي