Site icon IMLebanon

رسالة من الراعي الى عون

باتت الدعوة الى إنتخاب رئيس للجمهورية خبز بكركي اليومي، خصوصاً على لسان البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، الذي يعمل جاهداً من اجل تحقيق هذا الملف، بعد ان تأكد وجود صعوبة في التفاهم مع معرقلي الانتخابات الرئاسية، فوصل التباين السياسي الى خلاف مع هؤلاء ، لان وجهات النظر متباعدة في ملف اساسي يتعلق اولاً واخيراً بالمسيحيين. فالراعي الذي يكرّر يومياً بأن التعطيل مرفوض ويؤدي الى نتائج لا تحمد عقباها، بالاضافة الى إعلانه تأييد المرشح المقبول من جميع الاطراف ورفضه لمرشح التحدّي، ما زال يلاقي يومياً رفضاً لكل هذه الدعوات من قبل العماد ميشال عون، ما انتج فتوراً سياسياً بين بكركي والرابية، تطور لاحقاً الى خلاف فقطيعة، بحسب ما تنقل مصادر سياسية مواكبة لما يجري على هذا الخط.

وتشير الى ان الفتور بدأ منذ ان بدأ عون بطرح مبادراته التي تهدف الى انتخاب رئيس، وتحديداَ منذ ليلة العشاء الذي جمع الراعي بعون في بكركي بحضور عدد من المطارنة، بحيث لم يكن اللقاء ايجابياً لان المناقشات سادته بطريقة سلبية ، خصوصاً بعد طرح رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» إقتراحه بتغيير النظام وتحويله من برلماني الى رئاسي، ليصير الى انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب، الامر الذي أثار إستياء الراعي ، فضلاً عن إستيائه بعد كل جلسة انتخاب رئيس للجمهورية لا تحظى بالحضور.

هذا وتفيد المعلومات بأن الراعي يعمل منذ فترة على خطوط اقليمية ودولية، لانه يعلم بأن ما يجري من تعنّت لا يوصل إلا الى الهاوية، وبالتالي فهو متخوّف جداً من ضياع المركز الاول من ايدي المسيحيين، في ظل ما يجري في المنطقة من إضطهاد لهم، ولذا سيبقى مدافعاً عن المركز الوحيد المتبقي للمسيحييّن ويصّر على المحافظة عليه والتمسّك به.

الى ذلك تشير المصادر المذكورة الى أن البطريرك الماروني مستاء جداً لانه يبدو وكأن لا كلمة مسموعة له على الصعيد المسيحي، فهو جمع الخصوم لتسوية من اجل المسيحيين ولبنان، خصوصاً على صعيد ترشح القطبين المسيحيين أي العماد عون والدكتور جعجع لكنه فشل، ناقلة عنه تخوفه الشديد من الوضع السائد اليوم.

وتلفت الى ان الجميع ينتظر ما ستؤول اليه التطورات الإقليمية، وبالتالي معالم تسوية إيرانية – سعودية برعاية أميركية قد تشمل لبنان، وفي انتظار تلك التسوية يجهد البطريرك الراعي للوصول الى خيار رئيس يرضى عنه الجميع، فهو دّق ناقوس الخطر في المحافل الدولية، وينتظر تحقيق ما طالب به أي الرئيس التوافقي، ما جعل الرابية تفهم الرسالة بأن لا مكان للعماد عون او لغيره من المرشحين الاستفزازييّن بالنسبة لبعض الاطراف بالوصول الى بعبدا، لان لبنان لا يقوم إلا على الوسطية وبالتالي فمرشح التحّدي لا يوصل إلا الى الخراب.

من هذا المنطلق، اوصل الراعي الرسائل بوضوح مع ضرورة ان يكون الرئيس صناعة لبنانية، وليس كما جرت العادة، بسبب وجود هواجس مسيحية مما يحصل اليوم من تحوّلات في المنطقة، وعدم وجود جهوزية مسيحية للتعاطي مع هذه المتغيرات والتطورات المتسارعة، مع الاشارة الى ان سيّد بكركي طلب مراراً من القيادات المسيحية ان تتفق على مرشح مقبول منهم ، لكن طلبه لم يتحقق لذا يعمل اليوم على خط دولي قبل ضياع لبنان.

ورداً على سؤال حول إمكانية حدوث أي شيء إيجابي على صعيد جمع الاقطاب المسيحيين، ابدت هذه المصادر تشاؤماً في إمكانية انعقاد أي قمة مارونية قريباً، لان الاقطاب لن يحضروا بالتأكيد بسبب تناحراتهم المستمرة الى الابد، والتي لن ننتهي منها بحسب المعطيات السياسية، لافتة الى ان البطريرك الراعي مستعد لمواجهة تحديات كبرى في سبيل وحدة الموقف المسيحي، وهو مدرك تماماً لحجم هذه التحديات، ورأت بأن ما يجري اليوم على الساحة من تظاهرات واعتصامات وملفات متروكة، وفي طليعتها النفايات، يؤكد بأن المسؤولين يلهون اللبنانيين عن كل الاستحقاقات التي اصبحت على ما يبدو في خبر كان، مبدية إستياءها بسبب عدم إصرار المتظاهرين على إنتخاب رئيس للجمهورية كمطلب اول، اذ من خلاله تتحقق مطالبهم تباعاً، ومنها إجراء الانتخابات النيابية وتشكيل حكومة جديدة.