بين احياء قوى الرابع عشر من آذار ذكرى تأسيسها العاشرة بنفض الغبار عن فكرة «المجلس الوطني»، وقرار دولة الامارات العربية المتحدة ترحيل سبعين لبنانيا، دون ان تتضح رسميا خلفيات القرار المستند الى اسباب أمنية،،انقسم المشهد السياسي الداخلي في متابعة الحدثين وتأثيرهما على الواقع اللبناني المترنح عند عقد الازمات المتلاحقة.
واكدت مصادر متابعة لملف الابعاد ان وتيرة الاتصالات اللبنانية داخليا وخارجيا تسارعت، لازالة الالتباسات التي رافقت القرار الاماراتي، واحتواء مفاعيل الخطوة وتقويض تداعياتها سياسيا واقتصاديا، قاد رئيس الحكومة المتواجد في شرم الشيخ للمشاركة في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري في شرم الشيخ، الى عقد لقاء مع نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، خرج منه مطمئنا، بعدما حصرت الامارات اسباب الاستبعاد «غير قابل للنقاش»، «باعتبارات ذات صلة بالأمن القومي لدولة الإمارات العربية المتحدة»، جازمة بانها لن تتخطى هذه الحدود.بحسب اوساط مرافقة للوفد اللبناني.
تطمين اضيف الى ما كان سمعه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، من نظرائه الخليجيين اثناء مشاركته في اجتماع وزراء الداخلية في الجزائر، قبل انتقاله الى المغرب، حيث اكدوا له ان الخطوة بحت اماراتية ولا تندرج في سياق اي قرار مشترك لمجلس التعاون الخليجي.غير ان الرغبة اللبنانية الرسمية في نزع الصيغة السياسية عن القرار الاماراتي، وحصره في الخانة الأمنية، لم تخف الخشية، بحسب مصادر دبلوماسية من أن تحذو دول خليجية أخرى حذو الإمارات وتعمل على إبعاد عدد من العائلات اللبنانية، إضافة إلى رعايا عرب آخرين لأسباب أمنية تعلق بالتمدد الإيراني في المنطقة وبدور «حزب الله» فيه، ما سرع من وتيرة الاتصالات اللبنانية الاستباقية مع عدد من العواصم الخليجية لتفادي أي خطوة مماثلة.
الا ان مصادر دبلوماسية عربية في بيروت استبعدت تمدد قرار ترحيل اللبنانيين من الامارات باتجاه دول خليجية أخرى، متخوفة من ان تعمد هذه الدول الى اعتماد مضايقات من نوع آخر، الا انها ابدت خشيتها من تداعيات هذه الاجراءات، التي تطلب مقاربة خاصة لمعالجتها، ذلك انها تأتي في ظروف غير مريحة تمر بها العلاقات بين لبنان ودول الخليج بشكل عام والامارات بشكل خاص، نتيجة عدة عوامل ابرزها كما تعدّدها المصادر الديبلوماسية.
– اقتصار الاجراء على سبعين شخصا حتى الساعة، بتهم تتراوح بين ارسال تحويلات مالية تحت ستار جمع التبرعات لحزب الله عن طريق تبييض اموال ترد اليهم من اميركا الجنوبية واستراليا وافريقيا وتحويلها الى صيارفة من خارج الطائفة الشيعية لصالح الحزب، مرورا بالتورط في اعمال اخرى من بينها الدعاية السياسية،وصولا الى محاولة تجنيد اشخاص لصالح حزب الله من جنسيات مختلفة.
-معظم المرحلون خالفوا شروط الاقامة في الامارات، وان الجهات الرسمية اللبنانية كانت دخلت في مراسلات رسمية مع السفارة الاماراتية والسلطات في ابو ظبي لتسوية أوضاعهم.
-قرار الابعاد تتمة لاجراءات اتخذت سابقاً، ولا يأتي ضمن حملة جديدة،بدأت منذ عام 2009 وبلغت ذروتها عام 2012 مع الحديث عن وجود ألف اسم على لائحة الابعاد، التي استمرت منذ ذلك الوقت دون انقطاع ولكن بشكل فردي.
-ان الازمة مع الامارات ليست جديدة بل تعود الى فترة سابقة، مع بقاء موقع السفير اللبناني في الامارات شاغرا، نتيجة اصرار الحكومة اللبنانية على السفير المعين رغن رفض الامارات قبول اوراق اعتماده بسبب انتمائه الحزبي، خلافا للعرف القائم باختيار سفراء ترتاح لهم دول الخليج، وبحسب المصادرة ان خطوة التعيين جاءت نتيجة ضغوط حزبية مورست يومها ردا على عمليات التضييق التي تعرض لها اللبنانيون في الخليج.
-الامتعاض الخليجي العام من التهجمات المتكررة والشبه الدائمة، التي يطلقها حزب الله سواء مباشرة وغير مباشرة تستهدف تلك الدول وبخاصة البحرين وقطر والسعودية.
– ارتفاع التنسيق الامني والاستخباراتي بين دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة بعد ادراج حزب الله على لائحة المنظمات الارهابية.
– الاعتراض الخليجي والسعودي خاصة،على المشاركة العلنية لحزب الله في تحركات الحوثيين، والتي آخرها المناورات قرب الحدود السعودية والتي استدعت استنفارا للجيش السعودي على طول الخط الفاصل.
– الخشية الخليجية من تمدد النفوذ الايراني، وسط التوتر القائم مع الولايات المتحدة من ابرام الاتفاق النووي مع طهران، والذي يعني باحد جوانبه المضمرة شبه اتفاق من تحت الطاولة على تقاسم المنطقة بين الطرفين.
– القرار الخليجي ـ الاميركي بمواجهة تمدد طهران وذراعها الاساسية حزب الله، بعد وعد وتاكيد كيري في الرياض بالتشدد في هذا الاتجاه وعدم السكوت عن التصرفات الايرانية.
وفيما وضعت أوساط مقربة من الثامن من آذار الخطوة الاماراتية في اطار الكيدية والانتقام على الطريقة اللبنانية في اطار السياسة الاماراتية المستمرة في اتخاذ خطوات كهذه من باب الأذى لا أكثر ولا أقل، ملمحة الى وقوف الرياض وواشنطن خلف القرار، متحدثة عن تقصير لبناني في عدم اقدام الحكومة على اي خطوة ردعية سابقا، بل بالعكس تبين ان الاجهزة الامنية في الامارات حصلت على دعم من جهات لبنانية، سياسية وامنية، لجمع المعلومات عن عائلات اللبنانيين المقيمن هناك، وعن ميولهم السياسية، وصلت الى حدود اشاعة معلومات غير صحيحة عن البعض لاسباب سياسية فقط، وصولا الى منع المتضررين من القيام بأي تحرك جدي لتحصيل حقوقهم، بعد اجبارهم على توقيع وثيقة «يعترفون» فيها بأنهم يدعمون حزب الله، أو يقومون بأعمال أمنية غير مشروعة.