Site icon IMLebanon

رجل الاعتدال والحوار والتوافق

مرّ عيد الميلاد المجيد، بعد عيد المولد النبوي الشريف، ليؤكد صاحب الغبطة البطريرك بشارة الراعي على أهمية ملء الفراغ الرئاسي، مشدداً على أنّ العيد يبقى ناقصاً في غياب رئيس للجمهورية محذراً: «ليس من المقبول إسقاط المزيد من فرص التوافق لانتخاب رئيس».

وهذه الصرخة الصادرة عن سيدنا البطريرك تبلغ مداها كون لبنان هو البلد العربي الوحيد، وفي المنطقة أيضاً الذي له رئيس مسيحي… وهو ما توافق عليه أبناؤه جميعاً، فهل يجوز إسقاط هذه الرمزية المهمة ولو موقتاً.

وتلك الميزة هي التي تعني أنّ هذا الوطن يقوم على الإعتدال الذي يؤدي بالضرورة الى التوافق… وتحت عناوين الإعتدال والحوار والتوافق نستذكر سيرة الشهيد محمد شطح الذي احتفلت قوى 14 آذار، ومعها جميع اللبنانيين الشرفاء، بذكرى استشهاده الثانية أمس في جامع محمد الأمين فكانت مناسبة وطنية جامعة التف فيها أركان قوى 14 آذار حول المعاني السامية التي كانت تتجسّد في شخصية الشهيد الذي لا يُنكر عليه أحدٌ، بمن فيهم الخصوم، أنه كان يغلّب العقل على الهوى، وأنه رجل الإعتدال بامتياز، والرجل الذي كان يجهد لإيجاد الحلول على قاعدة الإعتدال والوفاق والتوافق وبالتالي الوحدة الوطنية.

وكم كان لافتاً حضور الدكتور سمير جعجع هذه المناسبة تأكيداً منه على ثوابته الوطنية التي هي ثوابت 14 آذار، وحرصاً منه على وحدة هذه القوى، ورداً على الإفتراءات العديدة التي روّج أصحابها لادعاءات بأنّ موقفه من المبادرة الرئاسية المدعومة «جدياً» من الرئيس سعد الحريري سيؤدي الى ضرب وحدة هذه القوى.

وفي المقابل، كم كان الرئيس فؤاد السنيورة موفقاً عندما ردّ التحية بمثلها فوجه التحية الى «الأخ والصديق» الدكتور سمير جعجع، بعدما وجّه تحية مماثلة الى «الاخ والصديق والرفيق» الرئيس سعد الحريري الذي صحيح أنه كان غائباً في الجسد عن هذه المناسبة التي تحوّلت الى مناسبة وطنية كاملة الأوصاف، إلاّ أنّ ملائكته كانت حاضرة، وقد ضجّت القاعة بالتصفيق والهتاف عندما ذكر السنيورة اسمي الحليفين (الحريري وجعجع) دلالة على أنّ قوى 14 آذار ضنينة بوحدة صفّها، أمينة على منطلقاتها التي أسهب السنيورة في إعادة تعدادها والتمسّك بها، مؤكداً عدم التراجع عن الأهداف التي سقط الشهداء من الرئيس رفيق الحريري الى محمد شطح ومن سبقهما في سبيلها.

وكم كان السنيورة بليغاً وهو يذكر بما ورد في مقررات المجمع البطريركي الماروني الصادرة في العام 2006 وقد ورد فيها: «حققت انتفاضة الاستقلال إثر استشهاد الرئيس رفيق الحريري لحظة تاريخية وبمثابة الحلم الذي تحوّل الى حقيقة».

كذلك كان الموقف واضحاً وصريحاً عندما أكد السنيورة تكراراً رفض تورّط «حزب الله» في سوريا سائلاً: لماذا يعود الشباب (شباب الحزب) من سوريا في النعوش وهم الذين أرسلوا الى هناك في قضية ليست قضيتهم بينما لبنان في حاجة الى كفاءاتهم.

وإذ أعلن السنيورة (الذي تحدث باسم قوى 14 آذار، واقتصر الكلام على خطابه) تكرار الإيمان بالدولة السيدة على أرضها شدّد على مسؤوليتين اثنتين أسهب في تفصيل كلٍ منهما، الاولى: يجب أن يتحمّل كل من ناضل ودافع عن مشروع 14 آذار مهمة الاستمرار في حملها لأنّ التخلي عن هذا المشروع يعني أنّ التضحية قد ذهبت سدًى، والمسؤولية الثانية ضرورة جلاء الحقيقة حول عمليات الاغتيال وإحقاق العدالة.

إنّ محمد شطح سيظل ماثلاً في الأذهان عنواناً للنزاهة والصدق والوطنية الصافية والإلتزام بلبنان ووحدته الوطنية القائمة على الإعتدال والحوار والتوافق.