Site icon IMLebanon

لقاء بين بري ونصرالله يُلاقي مطالب الشارع

 

 

عوامل عدة قد تدفع عدداً من الأفرقاء السياسيين بمن فيهم “حزب الله” إلى إعادة تكليف الرئيس سعد الحريري، أهمّها إستثنائية الظروف المالية والاقتصادية والعقوبات الإضافية المتوقعة على لبنان عما قريب، فضلاً عن كون الحريري ذاته سبق وتولى رئاسة الحكومة لفترات زمنية طويلة فليكمل في قيادة السفينة مرة جديدة، فضلاً عن كونه رئيس أكبر كتلة برلمانية سنية تجعله الأولى بتولي المسؤولية من غيره.

 

المفارقة السلبية هنا أن الحريري الابن كما الأب، اختصر طائفة بشخصه وأبعد صقورها، ما يجعل من الصعب اختيار بديل منه سواء اقتصادياً بسبب علاقاته ورصيده الدولي، أم جماهيرياً إذ لا يزال الحريري يحصد تعاطفاً يجعل الاستغناء عنه موضع نقمة سنية عارمة. ولنا في حراك الشارع أول من أمس خير مثال على رغم أن هذا الشارع كان حتى الأمس القريب ينتقد الحريري على سوء إدارته لصلاحيات الرئاسة الثالثة.

 

رغم القطيعة التي لا تزال قائمة بين “حزب الله” والحريري بسبب استقالته إلا أن التواصل بين الجهتين استمر ولو بالواسطة. وشهد يوم أمس تحركاً على خط المشاورات بين بعبدا، وعين التينة، وبيت الوسط وحارة حريك. مساع حثيثة تبحث في الشروط والشروط المقابلة مع حرص كل طرف على الاستعانة على قضاء حوائجه بالكتمان. وتشير معلومات أولية إلى أن البحث يتركز حول شكل الحكومة وحجمها وخطوطها العريضة، على اعتبار ان هذه النقطة تعدّ مساحة أساسية يجب أن تتوضح معالمها ما سيساعد الرئيس المكلف في تأليف حكومته. خلال لقائه قبل الاستقالة أبلغ المعاون السياسي للأمين العام لـ”حزب الله” حسين الخليل الحريري رفض “الحزب” لحكومة التكنوقراط، وسأله هل أنت رجل سياسي أو تكنوقراط، فأجابه الحريري سياسي طبعاً، ليقول له حسين الخليل “إذاً لست تكنوقراط”. لكن الطريق على التكنوقراط لم تقطع بعد وثمة من يرجح أن يتولى إخراج صيغتها النهائية رئيس مجلس النواب نبيه بري، في وقت رجحت المعلومات عينها أن يصار إلى الاتفاق على حكومة مصغرة ومختلطة ما بين سياسي وتكنوقراط، حسبما توحي الأجواء حتى الساعة. لكنها فكرة تحتاج إلى تبلور.

 

لقاء بري – نصرالله

 

وعلمت “نداء الوطن” أن لقاء عقد خلال الأيام القليلة الماضية، جمع الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله والرئيس بري، حيث كان التركيز على موضوع الحكومة والتمثيل الشيعي فيها. وحسب المعلومات فقد تكرّر التواصل بين السيد والرئيس ثانية عبر اتصال بالواسطة أكدا خلاله دقة المرحلة وعدم النزول الى الشارع أو احتكاك المناصرين مع الحراك، لعدم الانجرار إلى الفتنة المطلوب إيقاعها بين اللبنانيين في الوقت الحاضر. وعلم أن جانباً من البحث خلال الاجتماع الثنائي تركّز على مسألة اختيار أشخاص لتولي مناصب وزارية ذات ثقة، تحدث ارتياحاً لدى الرأي العام ولا تكون مستفزة أو سبق وتبوأت مناصب وزارية مرات عدة. وهذا يشير إلى وجود قناعة لدى الثنائي الشيعي بضرورة إعادة النظر في تمثيل كليهما في الحكومة في الوقت الحاضر كما في النيابة مستقبلاً. صار التفكير يتجه نحو اختيار أشخاص من خارج الطقم القديم. والنية في ذلك كانت موجودة خلال إقناع الحريري بعدم تقديم استقالته حيث تبلغ موافقة بعبدا كما “حزب الله” و”أمل” على التخلص من الصقور في الحكومة، والاتجاه نحو تعديل حكومي يعيد الثقة بالحكومة، لكن الحريري غلّب خيار الاستقالة التي لا تزال قوى الثامن من آذار تعتبر أنه دُفع إليها أميركياً بهدف خلق توازن حكومي في لبنان، لافتة إلى أن الاميركي يتحرك في لبنان تحت سقف عدم الفراغ وعدم الانهيار وثبات نسبي لليرة، لانه يرى أن الفوضى ليست في صالحه ولذا فالوضع الأمني قد يبقى ثابتاً في ظلّ هذه المعادلة.

 

مخاوف التشكيل

 

تتبنى قوى الثامن من آذار مقولة أن الحراك بدأ شعبياً تعبيراً عن مطالب محقة وحاجات ملحة للناس قبل أن تدخل أميركا على خط استثماره. وفق مصادرها فإن هذا التدخل سيتحدّد في ضوء ما ستثبته الأيام المقبلة في المشاورات التي ستحصل لتشكيل الحكومة. ثمة خوف من أن يطول وقت التشكيل أو توضع العراقيل في وجه الرئيس المكلّف وحينها ستتكشف الخلفيات. كما أن هناك مخاوف قائمة تتعلق بالحراك وسقف تحركه، بمفاوضات التكليف والتأليف، عدد الوزراء وشكل الحكومة والتسوية التي ستبنى على أساسها آفاق المرحلة المقبلة والضمانات التي تطالب بها كل جهة. هذا في وقت لم نعرف فيه بعد الموقف السعودي في حال كُلّف الحريري مجدداً، والقوى الأخرى التي ستدخل على خط المشاورات.

 

كل ما يحيط بتشكيل الحكومة قد يكون موضع خلاف من الشكل الى الوزراء المحتملين إلى العدد والتمثيل الحزبي والطائفي وما عداها. كلها قنابل موقوته سيجري بحثها على وقع حراك ليس معلوماً بعد سقف مطالبه التي لم تلتق على ما هو محدّد ولم يظهر قادته الفعليون بعد. بمعنى آخر دخل لبنان عتبة مرحلة جديدة، وضعت القوى السياسية أمام أمر واقع مختلف، إختلطت فيها حسابات الحراك في الشارع مع حسابات الدول الخارجية. وكلها دول لا تتطلع إلى مصلحة الشعوب بقدر ما تبحث عن مصالحها التي تكون عادة مبنية على تبادل الساحات في ما بينها ولنا في تجربة العراق خير شاهد ودليل.