لا شيء يبشّر بالخير على صعيد الاتفاق على قانون انتخابي جديد، إزاء التناقضات السائدة في المواقف الانتخابية من خلال البحث عن قانون مفصّل على قياس البعض، واختيار المناسب له عبر تقسيم الدوائر الانتخابية بطريقة غريبة عجيبة لا تراعي إلا مصلحة واضعيها. وفي هذا الاطار تبدو مسرحية الاتفاق على عدم الاتفاق سائرة الى ان تصل الى طريقها، اي العودة من جديد الى قانون الستين المفضّل لدى البعض لانه قادر على إعادته من جديد الى المجلس النيابي مع كتلته المتنوعة. لكن وبحسب ما يقول الرافضون للستين فإن الساحة الانتخابية لم تعد فاعلة قطعياً بالنسبة لهذا القانون كما جرى في السابق، اي تحت حجة الضرورة والتسوية واللحظات الاخيرة بحيث اعتدنا إعادة إحياء هذا القانون بصيغته القديمة مع إدخال بعض التعديلات عليه، وذلك من باب تفصيله على قياس بعض الزعامات الطائفية.
الى ذلك ترى مصادر سياسية مراقبة أن العودة الى الستين لم تعد سهلة لانه يشكل حاجزاً منيعاً أمام التغيّير الحقيقي. وبالتالي لا يسمح بتجديد الحياة السياسية وبالتنوع على مستوى التمثيل داخل الطوائف والمذاهب، لذا نعلن من اليوم أن قانون الستين مات وشبع موتاً .
وأبدت اطمئناناً لأن الرئيس ميشال عون يعطي الامل كي يتم الاتفاق على قانون انتخابي قبل فوات الاوان، لانه رافض لكل الطروحات ومنها الفراغ في حال لم يتوصلوا الى اتفاق خلال الايام القليلة المرتقبة، أي انها «الخرطوشة» الاخيرة التي ستُلقى في قصر بعبدا . وهذا الملف يأتي في طليعة المواضيع المطروحة المحتاجة الى حل فعليّ، وكل هذا يتطلب التعاون من قبل كل الاطراف وإعادة بناء الثقة المتبادلة فيما بينهم. ما يعني الحاجة الملّحة للقاء جديّ فعليّ يجمعه ورئيس مجلس النواب نبيه بري لحلحلة الوضع، ناقلة أن رئيس الحكومة سعد الحريري يعمل لحصول هذا اللقاء قريباً أي قبل الخامس عشر من ايار الحالي للبحث في المخارج المتاحة لأزمة قانون الانتخاب، على قاعدة التعقل والاعتدال وتغليب مصلحة لبنان العليا على أي مصلحة أخرى .
كما دعت هذه المصادر مسؤوليّ العهد الجديد الى حوار جامع قريب من دون استثناء احد لوضع النقاط على الحروف، لان المرحلة صعبة والعراقيل عديدة، مشددة على ضرورة وضع بند واحد على طاولة هذا الحوار لإقرار قانون انتخابي جديد، قبل فوات الاوان والوصول الى الفراغ .
ورأت أن الانظار تتجه اليوم الى كل الاطراف لمعرفة مدى صدقيتهم في ايجاد ومعرفة هوية المعرقلين لهذا القانون، وبالتالي من يريد تغليب مصلحته ووضع قانون مفصّل على قياسه داعية الى عدم وضع العصيّ في الدواليب من خلال وضع الشروط، بل على العكس صياغة جديدة باتجاه تحسين الوضع السياسي وإزالة شبح الخوف المخيّم على اللبنانيين، في محاولة لتقريب وجهات النظر وتذليل العقبات الداخلية لإيصال طقم سياسي جديد يستحق هذه المناصب، لان اللبنانيين سئموا من بعض السياسيين الذين اوصلوا لبنان الى الهلاك. ودعت الى إزالة كل السيناريوهات التي كانت محضّرة ومنها التمديد او الاتفاق على عدم الاتفاق، ما يؤدي من جديد الى خلل داخلي لان ما كان يجري على خط المؤسسات الشرعية من فراغ اعطى حجة للبعض بأن يطول هذا الفراغ او على الاقل ان يستمر الى مدة معينة، الامر الذي يرفضه رئيس الجمهورية بشدة ولن يسمح بتمريره مهما حصل وهو سبق ان اكد ذلك مراراً .
وختمت المصادر المذكورة بأن جلسة 15 ايار الى التأجيل بالتأكيد، وبأن رئيس المجلس النيابي لا يمانع ذلك، خصوصاً ان رئيس الحكومة يؤدي دور الاطفائي هذه المرة، تجنباً لإي خلاف سياسي جديد بين عون وبري، او أي فراغ جديد في البلد.