حزب الله هو الأب الشرعي للشيعة في لبنان وحركة أمل هي الأم. هذه هي المعادلة والأب والأم على وفاق, ولو اختلفا في الجوهر والممارسة, فلم يبلغا حد الطلاق. وإن ذلك إذا حصل, لن يقف عند حدود المحكمة الشرعية, بل يتعداها الى السياسية, وربما الجنائية. وسيشكل انقساماً, وخلافاً, يترجم على الأرض, وربما فتنة لا سمح الله.
والأمر لا يقتصر على الشيعة. فلكل طائفة أب وأم. وبعضها له أب واحد أحد. لأن الأم انحسر دورها وضعف, واعتبر الأب أن الباقين في حضنها او تحت كنفها. أبناء غير شرعيين, ولا لزوم للشرح والتوضيح وإن اللبيب من الإشارة يفهم.
نعود الى الطائفة الشيعية الكريمة, والى المسألة التي هي حديث الساعة. لنبدأ بها.
لا ننكر ولا نستنكر, حق حزب الله بدعم ما سمي بالسنة المستقلين، وحقهم في مقعد وزاري. فهذا الموقف حق, ووفاء, مع التمني ان لا يعطل تأليف الحكومة حتى أبد الآبدين، او حتى قيام الساعة, حسب تعبير سماحة السيد.
والسؤال الآن ماذا عن الشيعة المستقلين؟
صحيح أن الظروف, والترغيب, والترهيب, وهذا القانون الهجين، الغريب، العجيب، لم يسمح لأي منهم بالولوج تحت قبة البرلمان. بعد ان كاد بعضهم يصل الى مدخله.
ولكن الصحيح أيضاً, ان بعضهم, بل ومعظمهم هم من بيئة المقاومة, والداعمين لها. ويعرف القيّمون على الحزب والحركة هذه الحقيقة جيداً. ويعرفون جيداً ورغم كل ما نكرنا. أن لائحة «الجنوب يستحق» مثلاً, حصلت عند موعد اقفال الصناديق على الحاصل المطلوب للخرق, ثم مددت مهلة الاقتراع حتى ساعة متأخرة من الليل. فانعدم الحاصل.
يعرفون ان 260 مندوباً في قضاء النبطية اعطيت أسماؤهم قبل أيام من الدوائر المختصة. حضر منهم 20 «فدائياً» فقط وقال الغائبون سامحونا «فالعين لا تلاطم مخرز»
سادتي
إن أكثر من 60% من النخب الشيعية لا علاقة لها تنظيمية بحزب الله او بحركة أمل، وإن 90% من هؤلاء هم مع المقاومة, ضد إسرائيل. مع المقاومة ضد الإرهاب، ومعها ضد كل من يعاديها. وهم معها قلباً، وقالباً، واقلاماً، وحناجر، ومواقف. ولكنهم ليسوا بالضرورة مع سياسة حزب الله في تحالفاته ، وخيارته، البلدية والانتخابية, والسياسة وما يعادلها.
هذه النخب هي رصيد للمقاومة. لا تجوز خسارته، والتفريط به. تمثل دعماً كبيراً، مجانياً لقضيتها، دون مصالح متوقعة ودون جزاء ولا شكور.
هذه النخب هي لـ«Buffer Zone» منطقة عازلة، هي خط الدفاع الأول غير المرئي، وغير الظاهر للمقاومة في المحافل الدولية، ولا يمكن حتى للرئيس الأميركي ان يصفها بالإرهاب.
بعض هذه النخب من حضر وحاضر، في مؤتمرات دولية في استانا، واستنبول، والقاهرة، وفرنسا، وحتى في واشنطن، وغيرها. ورفض رفضاً قاطعاً تسمية حزب الله والمقاومة بالإرهاب. وبعضها يظهر باستمرار على شاشات الفضائيات، وأهمها شاشات الخصم، ليشرح بموضوعية، ان المقاومة حررت جنوب لبنان، والمقاومة قاتلت الإرهاب، والمقاومة تحمي لبنان بقوة الردع والردع فقط، من أي عدوان إسرائيلي محتمل.
بعض هذه النخب رفضت بإباء أية اغراءات من البترودولار، للانتقال ولو لفظياً، واعلامياً، الى المعسكر المعادي.
هذه الأكثرية الصامتة تجاه حقوقها منذ عقود، والغير صامتة بل والمجاهدة بحق لبنان، وبالدفاع عن سيادته وارضه ومقاومة من يحتلها أو يهددها.
يا سادتي
أعذروني إذا كنت صادقاً وغير منافق. لأني أرى ان حزب الله الذي ولدت المقاومة من رحمه، ونشأت وترعرعت بصموده، ودعم الجماهير المؤمنة، الساكتة الصامتة. بدأ يغرف الحزب من رصيدها وسيأتي يوم ربما ينتهي هذا الرصيد. وإذا إستنزف هذا الرصيد. سيتعرض المركب للغرق في البحر الهائج، والأمواج العاتية. وسيغرق الجميع، بما فيهم الجماهير الداعمة، والمساندة، والمخلصة من كافة الطوائف اللبنانية. مع التنوية بأن ليس لها اي دور بإدارة الدفة. اللهم اني بلّغت. فالوفاء للمقاومة يبدأ بالوفاء لهؤلاء الناس. فالوفاء عهد.
«وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم»
صدق الله العظيم