IMLebanon

أي مبارزة بالصواريخ بين أميركا وروسيا؟

 

المناخ الاقليمي والدولي المتوتر صار مسموما بأكثر من مفاعيل الغازات السامة ضد المدنيين. واللعبة التي انتهت في دوما لمصلحة النظام بدعم روسي بدأت مضاعفاتها تتجاوز ما حدث في دوما وتقود الى مخاطر جديدة تحت عاصفة تتجمع. فالرئيس دونالد ترامب يحمّل دمشق وموسكو وطهران المسؤولية عن الاستخدام المفترض للسلاح الكيماوي، ويعطي نفسه حق الردّ. وهو يضع العالم كله في انتظار ما يقرره. لا بالنسبة الى توجيه أو عدم توجيه ضربة عسكرية بل بالنسبة الى توقيت الضربة وحجمها.

روسيا التي استخدمت الفيتو ضد مشروع قرار أميركي في مجلس الأمن للتحقيق في استخدام السلاح الكيماوي، وفشلت في تمرير مشروع قرار روسي تهدد بمواجهة عسكرية وتدعو الى التفاوض وهي، حسب السفير الروسي في بيروت ألكسندر زاسبكين، مستعدة ل إسقاط الصواريخ وضرب مصادر اطلاقها. وترامب يرد كالعادة بتغريدة: روسيا تتعهد اسقاط أي صاروخ يطلق على سوريا. استعدّي يا روسيا لأن الصواريخ قادمة لطيفة جديدة وذكيّة. وليس من السهل تصوّر مبارزة بالصواريخ بين أميركا وروسيا في سماء سوريا. وهي مغامرة لم تحدث أيام أزمة الصواريخ السوفياتية في كوبا، ولا بعدها في أي مكان. ولا هي بالطبع حفلة ألعاب نارية تنتهي في مكانها من دون أن تمتد الى ما لا حدود له.

 

ومن الصعب حتى على صقور الادارة الأميركية تجاهل ان الوقت فات على تغيير المعادلات في سوريا، ولو بسلسلة ضربات ضمن خطة متكاملة، فما كان ممكنا قبل العام ٢٠١٥ صار مستحيلا بعد الانخراط العسكري الروسي المباشر في الحرب. وأي ضربة على طريقة الصواريخ التي ضربت مطار الشعيرات في نيسان الماضي ردا على استخدام السلاح الكيماوي في خان شيخون لن تبدّل شيئا حتى بالمعنى التاكتيكي. وحسب كتاب نار وغضب، فان ترامب لم يقرر ضرب الشعيرات ضمن خطة. كل ما أراده هو فعل شيء للقول انه ليس أوباما الذي رسم خطا أحمر ومحاه.

ولا شيء يوحي ان ترامب الذي أعلن قبل أيام انه سيسحب القوات الأميركية من سوريا، صار رجلا آخر يكرر استراتيجيا لا تجاريا.فهو اعتبر ان قواته أكملت مهمتها باقتراب الحرب على داعش من نهايتها. وتجاهل الأهداف التي كانت موضوعة لمرابطة القوات شرق الفرات مع الكرد: انهاء داعش ومنع ظهور داعش آخر، قطع الطريق على ايران الى المتوسط، وضمان التوصل الى حلّ سياسي في سوريا.

ولا أحد يعرف ان كان سيأخذ بتوصيات الذين يدعونه الى التمسّك بهذه الأهداف، بما يتجاوز أي ردّ الى ضمان الدور الأميركي في المنطقة.