Site icon IMLebanon

حرب صواريخ بالتقسيط برعاية روسية وأميركية

 

حرب سوريا تتفرّع الى حروب لكل منها دينامية ذاتية ضمن قوة دفع شامل. وليست الحرب بين ايران واسرائيل على الأرض السورية سوى فرع من أصل تراكمت فيه قضايا اقليمية ودولية فوق قضية محلية، بحيث صارت سوريا حقل رماية حرّة. اسرائيل تنفذ الجزء المتعلق بها من المسار الذي فتحه الرئيس دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي والعمل على كبح النفوذ الاقليمي الايراني. وايران تعمل على تمدّد نفوذها ومشروعها الاقليمي. وفي العادة، فان اسرائيل تمارس الصمت والتكتم بعد كل عملية قصف لمواقع في سوريا. وفي العادة أيضا، فان ايران تقاتل اسرائيل بالوكالة عبر حزب الله في لبنان وحماس والجهاد الاسلامي في غزة. لكن قواعد اللعبة تبدّلت مؤخرا.

ذلك ان ايران تولت هذه المرة الرد مباشرة على غارات اسرائيلية شملت مواقع لها في قاعدة التيفور ثم الكسوة. واسرائيل التي كانت تنتظر الرد أعلنت ان قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني هو الذي أمر باطلاق عشرين صاروخا على مواقعها في الجولان المحتل، وردّت بغارات استمرت لساعات على مواقع ايرانية. لا بل ان وزير الدفاع افيغدور ليبرمان أعلن بنفسه ضرب كل البنية التحتية الايرانية في سوريا، وأمل في أن تكون الأحداث انتهت والرسالة وصلت الى الجميع.

لكن البنية التحتية الايرانية في سوريا ليست مجرد قواعد ومراكز عسكرية. فهي أيضا انشاءات مادية ومشاريع خدمات وترتيبات سكانية توطينية وتغييرات ديموغرافية في اطار مشروع اقليمي كبير. وليس الرهان الأميركي والاسرائيلي على اخراج ايران سوريا بالقوة أو بصفقة مع روسيا سوى أوهام. فلا أميركا واسرائيل تستطيعان انجاز هذه المهمة. ولا روسيا تريد، وهي صاحبة مصلحة في التحالف مع ايران، أو تستطيع ولو تبدّلت الحسابات.

وما نراه هو حرب صواريخ بالتقسيط تؤذي وتدمّر من دون ان تبدّل الواقع. وما كشفته التطورات في حرب سوريا، الى جانب ترسيخ الوجود العسكري الروسي لنصف قرن على الأقل، هو ان ايران ليست عاملا طارئا أو موقتا، لا في الحرب، ولا في ترتيبات ما بعدها. واذا كان صحيحا ما أعلنه نتنياهو بعد اجتماعه بالرئيس فلاديمير بوتين من ان روسيا لن تسعى الى الحدّ من العمليات العسكرية الاسرائيلية في سوريا، فان المعادلة واضحة: حرب استنزاف على مراحل بين اسرائيل وايران لها ضوابط برعاية روسية وأميركية.

 

 

ولبنان على قلق من ان يشمله مسرح الحرب. وعلى أمل في أن يتمكّن من ممارسة النأي بالنفس فعلا بقوة الخوف من الانتحار الوطني.