سيكون من الصعب على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحده، تقويم الإعوجاج الطائفي الجيني في النظام اللبناني. كما سيكون من الصعب على الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط وحده المحافظة على هذا الإعوجاج وحمايته الى ما لا نهاية. ومن الانصاف القول ان أيا من الرجلين لا يتحمّل مسؤولية وجود هذا الاعوجاج في النظام، ولكن من العدل القول أيضا انهما معا وبمشاركة كل الطبقة السياسية دون استثناء، يتحملون مسؤولية اصلاح النظام من جذوره، وإن بالتدرّج على مدى سنوات، أو عهود، أو كل ما يلزم من الوقت. ومن المفارقات ان القوى السياسية اللبنانية تشتبك وتتدافع اليوم حول قانون الانتخاب، وهي تقف على شفير الهاوية، وتحذر في الوقت نفسه، من السقوط فيها!
***
جرت مياه سياسية كثيرة في النهر تحت جسر الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط. ولعلها للمرة الأولى منذ زمن، يجد نفسه يلحق بالتطورات ولا يسبقها. وهو يتزعم اليوم قيادة الدفاع عن قانون الستين واستطرادا عن النظام الأكثري في الانتخابات، ويظنّ أن كثيرين من أصحاب الهوى المكتوم نفسه، سيتبعونه في مسيرة الأميال الأخيرة من هذه المسيرة، لكنه عندما يلتفت – بعد بعض الوقت – الى الخلف، فانه لن يجد أحدا وراءه من القوى السياسية الأخرى… وليس ذلك لنقص في جاذبيته الجماهيرية، أو بسبب نيّات سيّئة مبيّتة لدى الآخرين لا سمح الله، وانما ربما لخطأ في الحساب، وغلطة الشاطر بألف!
***
لعل الزعيم الاشتراكي وليد بك، على ما يتمتع به من ذكاء سياسي وحدس خارق للرؤى المستقبلية، لم يحسب جيدا حساب التحوّل الانقلابي الذي حدث، والتحوّل من الصدام الى التحالف بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية. ولم يتصرّف وليد بك في حينه بوحي ما يمليه هذا التحدّي الايجابي في البيئة المسيحية اللبنانية، وان يطلق دينامية موازية في بيئة الموحدين الدروز تصبّ في المنحى الايجابي نفسه. ويقوم اليوم وفد يمثّل الحزب الاشتراكي والزعامة الجنبلاطية لعرض وجهة نظرهما في قانون الانتخاب من منطلق معارضة النسبية والتمسّك بالنظام الأكثري…
***
ترى، ألم يكن موقف الزعيم جنبلاط أقوى بكثير اليوم، لو كان يفاوض الآخرين ممثلا لكتلة متراصة تضم: جنبلاط وارسلان ووئام وهاب وفيصل الداود مثلا؟!