Site icon IMLebanon

بطريرك كاثوليكي جديد يكسر الأعراف؟

شكّل خبر استقالة بطريرك انطاكيا وأورشليم والإسكندرية للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحّام محطة جديدة في مسيرة الكنيسة، حيث بات السؤال الوحيد الذي يطرحه الجميع: من سيخلفه على رأس الكنيسة الكاثوليكية؟

بعدما كشفت «الجمهورية» في مطلع آذار الماضي أنّ لحام قدّم استقالته إلى الفاتيكان وباتت في عهدة البابا فرنسيس، خرج الكرسي الرسولي بقراره، فقبل الإستقالة وأسند مهام بطريركية الكاثوليك الى المطران جان كليمان جنبرت ليُدير شؤونها، ما يفتح الباب على عهد جديد، وبطريرك جديد.

ستكون البطريركية الكاثوليكية على موعد في حزيران المقبل مع انتخاب بطريركها، وسيعقد السينودس في المقر الصيفي في عين تريز من 19 الى 25 حزيران. والسبب في اختيار هذا المكان، وليس مقرّ الربوة، هو أنّ قبول الإستقالة أتى في الربيع، وموعد السينودس كان مقرراً سابقاً، ولو تم الأمر في الشتاء، لكانت حصلت عملية الإنتخاب في الربوة.

وفي السياق يُعلّق أحد المطارنة ممازحاً، ويقول لـ»الجمهورية»: «الطقس في عين تريز «مبَورد»، لذلك سيكون الإنتخاب في أجواء طبيعية جميلة تعكس الروحية الجديدة الذي أرساها سينودس شباط الماضي، والذي تمّ على أساسه الاتفاق على إنهاء مرحلة الإنقسام داخل الجسم الكنسي واستقالة لحّام».

ويؤكد عدد من المطارنة أنّ الصراع الذي كان دائراً بين الفريق الذي يطالب لحام بالاستقالة والآخر المؤيّد له قد انتهى، ومن المستبعد تزكية مطران، بل إن المراحل الأولى من الانتخاب ستشهد تقدّم أسماء عدة إلى الساحة ليفوز في النهاية مطران واحد من بين أكثر من عشرين مطراناً يشكلون الهيئة الناخبة ويصبح بطريركاً.

نشطت الإتصالات بين المطارنة، فور إعلان الفاتيكان قبول الإستقالة، لتنسيق المواقف، خصوصاً أنّ الفترة الفاصلة عن الانتخاب هي نحو 40 يوماً، ويبدو أنّ هناك 3 أسماء بارزة تعتبر الأوفر حظاً، وهي: مطرانان على أبرشيتين في سوريا والخارج، ومطران على ابرشية لبنانية، لكن كل ذلك رهن ببدء أعمال السينودس وخروج الدخان الابيض من عين تريز لأنّ المفاجآت أساسية في مثل هكذا انتخابات.

ودرجت العادة أن يكون بطريرك الكاثوليك من سوريا في غالبية الأحيان، لكن حركة الإتصالات تدل الى أنّ العرف قد يكسر هذه المرة وينتخب من أبرشية لبنانية، لأنّ أحد المطارنة يتقدم في السباق للوصول الى كرسي الملكيين الكاثوليك. لكنّ العوامل المؤثرة في الإنتخاب ما زالت كثيرة، وإذا كان الإنتماء الجغرافي هو أولها، إلّا أنّ العامل السياسي لا يُستهان به، خصوصاً أنّ المرحلة السياسية التي تمر بها المنطقة دقيقة جداً.

وتتراوح التأثيرات السياسية بين نفوذ النظام السوري بعدما كان لحّام من أشد المدافعين عنه، وبين السياسات اللبنانية مع وجود عدد لا يستهان به من الشخصيات الكاثوليكيّة التي تتبوأ مراكز نيابية ووزارية وأصحاب نفوذ مالي، كانوا غير راضين على التصاق بطريركيتهم بالنظام السوري، في حين أنّ هناك بطريركيات مسيحية أخرى تمايَزت عنه.

ومن العوامل المؤثرة في الإنتخاب أيضاً، قدرة المطارنة الذين كانوا في المعارضة ويشكلون غالبية الهيئة الناخبة، من الإتفاق على إسم، وهم الذين قاطعوا السينودس سابقاً وطيّروا النصاب، وإذا نجح الاتفاق بينهم فإنّ الانتخاب قد ينتهي قبل أن يبدأ.

أمّا العامل المؤثّر والحاسم فهو رأي الفاتيكان، وهل سيتدخّل في اختيار البطريرك ويرجّح كفة مرشّح على آخر بعدما تدخل سابقاً لإنهاء الخلاف؟

وعلى رغم التأكيدات على حياد الكرسي الرسولي، إلّا أنّ ظروف المرحلة القاسية تحتّم أقصى درجات الإنضباط واستقرار عمل المؤسسات الكنسية لتواكب آلام شعبها، في وقت يتخوّف بعض المطارنة من أن يؤدي الإختلاف الى عدم حصول أي مطران على عدد الأصوات المطلوبة، لكنّ البعض الآخر يؤكد انّ الفاتيكان لن يسمح بحصول هذا الأمر، ويلمّح الى أنّ الروح القدس سيحلّ باكراً، ويختار البطريرك المنتظر.