المعادلة التي يضعها «حزب الله» وملحقاته في 8 آذار أمام اللبنانيين في المرحلة الراهنة، والتي صدر الحكم على ميشال سماحة في ظلِّها، ستكون عامة، على ما يبدو، وليست خاصة بالقضاء وتسفيهه وضرب صدقيته من دون التوقف ولو قليلاً، عند الآثار السلبية العميقة التي يسببها ذلك.
من ضمن هذه المعادلة، وليس من خارجها، سيكون التصعيد السياسي المرتقب من جانب النائب ميشال عون تحت لافتة التعيينات الأمنية والعسكرية، وهو تصعيد، على ما يُقال، سيهدد الوضع الحكومي ويدفع به إلى الزاوية، ما قد يكمل المشهد التعطيلي في أقانيمه الثلاثة: رئاسة الجمهورية والحكومة والمجلس النيابي.
وتلك حالة تناقض تماماً الوضع السائد منذ ما قبل تشكيل الحكومة، والذي بُني على أساس حفظ الاستقرار الأمني النسبي الداخلي وتدعيمه سياسياً داخل مجلس الوزراء وخارجه ومن خلال العودة إلى الحوار المباشر بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» برعاية الرئيس نبيه بري.
المعادلة المستجدة تقول الآن شيئاً آخر. كأن «حزب الله» وبدفع إيراني مباشر، يتملّص تدريجياً من التزامه السياسة المزدوجة القائمة على التهدئة الداخلية والتصعيد الخارجي، ويعود ليدمج بين الأمرين لخدمة جهة واحدة هي إيران. أي أنه يفتح بيديه أبواب تسعير حدّة الخلافات الداخلية بالتوازي مع تسعيره حدّة أدواره الإقليمية من القلمون السورية إلى اليمن العربية، وبطريقة منهجية ومدروسة.
وذلك يتضمن الدفع بالتوتير السياسي والمذهبي إلى مستويات صادمة من خلال الإيعاز بإصدار الحكم في قضية سماحة بهذه الطريقة، وتغطية النوبة العونية الجديدة وتوجهاتها التعطيلية للحكومة، والاستمرار إعلامياً باعتماد خطاب استفزازي (مسفّ في الحقيقة) تجاه السعودية وصولاً إلى تهيئة أرضية صدامية كافية للقيام بشيء آخر؟!
أي، بمعنى أوضح، هناك وظيفة محددة لكل هذا المناخ الملتهب: وظيفة محلية ببعد إقليمي واضح، لكنه هذه المرة لا يتصل بسوريا بقدر اتصاله بالعنف البلاغي الهستيري الإيراني ضد السعودية، وبالتهديدات التي تتوالى من طهران بعد «عاصفة الحزم».
هذه سيرة مألوفة، وليست وليدة افتراضات. ولذلك ربما، قال وليد جنبلاط ما قاله بالأمس من أن الحكم الصادر على سماحة يشرّع الاغتيالات والتفجيرات.. والله أعلم!