Site icon IMLebanon

صيغة جديدة لـ”خدمة العلم”… هل تبصر النور قريباً؟

 

مسوّدة قانون ستُرفع إلى قيادة الجيش الأسبوع الجاري

 

 

12 سنة مرّت على إيقاف العمل بقانون “خدمة العلم” في لبنان، حيث تعاقب آلاف المجندين على معسكري الوروار وعرمان حتّى سنة 2007. الّا أنّ المفاجأة التي فُجّرت في الأيام الأخيرة، كانت خبر عودة “خدمة العلم”، ما أثار قلق الشباب الذين عبّروا عنه على وسائل التواصل الاجتماعي. قيادة الجيش كذّبت الخبر، فلا “مرسوم” يعيد الخدمة الإلزامية… ولكن، العمل جار على مسودة قانون يعيد فعليّاً هذه الخدمة…إلى الخدمة!

عاد طرح موضوع خدمة العلم إلى الواجهة بعد الحديث في الكواليس عن إعداد اقتراح قانون لإعادة العمل بخدمة العلم، ما دفع بعض المواقع الالكترونية الى نشر خبر تفصيلي فيه “أنّ التجنيد الإلزامي قد أصبح قيد التنفيذ ابتداءً من 1/11/2019 عملاً بمرسوم جمهوري رقم 9/1011 ويحال إلى مجلس الوزراء ويبلغ لقيادة الجيش وينشر في الجريدة الرسمية. مع تحديد الشروط أبرزها أن يكون المطلوب إلى الخدمة لبنانياً منذ اكثر من عشر سنوات وأن يكون من مواليد /1/1993 حتى مواليد 1/1/2001 – ذكور فقط – على أن تتراوح مدة خدمة العلم ما بين ثلاثة الى ستة أشهر”.

 

سريعاً، نفت قيادة الجيش- مديرية التوجيه في بيان لها صحة هذا الخبر، داعيةً المواقع الإلكترونية إلى توخّي الدقة وعدم نشر أي معلومات أو أخبار تتعلق بالمؤسسة العسكرية قبل العودة إليها.

 

“خدمة العلم” … بالصيغة الجديدة

 

حتّى كتابة هذه السطور، لا عودة الى خدمة العلم، ولكن قد تخبّئ الايام المقبلة مفاجأة في هذا الصدد، اذ تبين أنّ العمل جارٍ على صيغة قانون جديد، من قبل النائب علي درويش عضو كتلة “الوسط المستقل” التي يرأسها الرئيس نجيب ميقاتي، حيث انتهى العمل تقريباً على المسودة التي سترفع هذا الاسبوع الى قيادة الجيش لتبدي رأيها وملاحظاتها عليها، قبل أن تتحول الى لجنة الدفاع الوطني في المجلس النيابي.

 

لا تندرج هذه الخطوة في اطار الخدمة الإلزامية المتعارف عليها، بل ستأخذ صيغة وطنية، تعزز تعاطي الشباب اللبناني بشكل مسؤول وانضباطي مع المؤسسة العسكرية، لتحفيز انصهارهم الوطني واندماجهم في الخدمة المدنية والاجتماعية، بما معناه الإستفادة من طاقات الشباب في مجالات بيئية مثل تنظيف الشاطئ، أو مدنية كالمساهمة في تنظيم السير، وتعليمهم كيفية تنظيم المحاضرات لمكافحة المخدرات مثلاً، فيمكن الا تأخذ خدمة العلم الجديدة طابعاً عسكرياً فحسب، بل الطابع الاجتماعي والثقافي أيضاً، هذا ما شرحه درويش لـ”نداء الوطن” مشيراً الى أن “الخدمة” كما سترد في الاقتراح مقتصرة على الذكور الذين أكملوا الـ18 عاماً، وذلك بعد انتهائهم من المرحلة المدرسية وقبل دخولهم الى الجامعة، خصوصاً أنّ هذه فترة الانتقالية مهمة جدّاً في حياة الشباب، وخدمة العلم ستهذب منهجيتهم، وتعلمهم الانضباط وتبعدهم عن الآفات السيئة. وحتّى الآن لم يحدد بعد ما اذا كانت الخدمة إلزامية أو طوعية، واذا كانت ستمتد لـ 3 اشهر(مدّة العطلة الصيفية) أو لـ 6 أشهر (تقسم على فصلي صيف). وما زلنا ندرس الشق المالي المرتبط بهذا القانون، حيث يمكن الاستفادة من المجندين المجددة خدماتهم في الجيش، ومن المتقاعدين أيضاً. مع العلم أنّ مخصصات المجندين لن تكون أكثر من مبلغ رمزي لتأمين تنقلاتهم.

 

القيادة متحمّسة

 

لم يسمع درويش أي اصداء من قبل قيادة الجيش بعد، ولكن يبدو أنّها متحمّسة، بحسب ما أوضح مصدر أمني رفيع لـ”نداء الوطن”، قائلاً: “لا يوجد شيء مؤكد حتّى الآن، ولكن عملياً تبدو القيادة متحمّسة، ولا سيما أنها يمكن أن تستفيد من الطاقات الشابة بأقل كلفة ممكنة. الى جانب أهمية انخراط الشباب من كل الطوائف والمناطق مع بعضهم البعض”. لا تبدو تجارب من خضعوا للخدمة الإلزامية مشجعة، معظمهم يرى أن مرحلة “الخدمة” برّدت إندفاعهم للتحصيل الجامعي، ومنهم من شكلت لديه هاجساً حقيقياً فعمل على تأجيل الإستحقاق إلى ما بعد الدراسة الجامعية. على أمل أن تُلغى ” الخدمة” أو تحصل أعجوبة تريحهم من الإستحقاق الذي ينتظر تخرّجهم !

 

رامي، هو أحد الشباب الذين خضعوا للخدمة الالزامية الأخيرة، الّا أنه تمكن من “الفرار” بعد 5 أشهر من التحاقه. وأتبع “الهريبة ” بواسطة أبعدت عنه الملاحقة. وعن فترة الخدمة القصيرة يقول، “أعتبر هذه الفترة “بلا طعمة”، لم أتعلم شيئاً، وأضعت وقتاً من فترة عملي، ونصيحتي للشباب “اهربوا” في حال عادت الخدمة الالزامية”.

 

دورة تدريبية أو مخيم كشفي؟

 

أثبتت الحروب الكبرى أنّ العديد ليس العنصر الأساسي فيها، وليس مقياساً للإنتصارات، فالجيوش الحديثة والمدرّبة والمجهزة بالأسلحة المتطورة وبتجهيزات متقدمة هي التي تتسيّد الميادين. وبرأي العميد المتقاعد النائب وهبة قاطيشا عضو تكتل “الجمهورية القوية”: “لا يمكن أن تعود خدمة العلم الى لبنان، وهذا الموضوع يطرح من فترة الى إخرى بشكل عشوائي. كذلك، فانّ مهمات الجيوش تغيرت، كما التركيبة والاسلحة. وقبل التفكير باعادة خدمة العلم، يجب درس الخطة الاستراتيجية الدفاعية للبنان، وليقرروا بعدها اذا كانت هناك حاجة فعلية تستدعي دخول الشباب الى خدمة العلم. في المقابل، الجيش ليس مخيماً كشفياً، والـ3 أشهر غير كافية للتدريب، ولا أظن أنّ الجيش لديه وقت “للمخيمات الكشفية”. وفي نهاية المطاف، قرار العودة للخدمة الالزامية يعود الى لجنة الدفاع الوطني”.

 

آراء الشباب اللبناني

 

الشباب اللبناني المعني الأول بقرار العمل بـ “خدمة العلم” له رأيه.

 

يقول ماريو (18 عاماً): “من الجيد أن تكون الخدمة طوعية ومن يريد الالتحاق فيكون هذا قراره. أمّا أنا، فأعارض الخدمة الالزامية ولا سيما أني اعمل في الصيف لتأمين مصروفي”. يوسف (21 سنة) من “معسكر” مؤيدي اعادة خدمة العلم، يلفت الى “أهمية الانصهار الوطني بين كل افراد المجتمع اللبناني. كما أنّ التجنيد الاجباري يقوي نسبة المشاركة الوطنية في الجيش الذي يعاني من اختلال في ميزانية المشاركة بسبب عدم مشاركة المسيحيين فيه، والتجنيد الإلزامي يجبرهم على المشاركة”.

 

بدوره، يعارض حسن (28 سنة) هذا القرار ويقول إنّ “الوضع الاقتصادي يُبعد الشباب عن سوق العمل، والأجدى استبدال هذه الخدمة بالتطوع للعمل الاجتماعي، فكلنا نعلم أنّ الهدف من الخدمة الالزامية هو تخفيف العبء على وزارة الدفاع فقط”.

 

أمّا سايد (23 سنة) فيعتبر أنّ “خدمة العلم ضرورية واساسية للشباب اللبناني بشرط ألاّ تتعارض مع دراستهم، ولكن أي خدمة ستكون، ما دامت القوى الامنية غير قادرة على بسط سيطرتها على كل الاراضي اللبنانية”. في المقابل، لا يؤيد روي (25 سنة) هذا القرار باعتباره أنّ “المشكلة تكمن بعتاد الجيش وليس بعديده. ولا علاقة بين التجنيد الاجباري وتقوية الحس الوطني، فالمشكلة مشكلة ثقة بين المواطن والدولة”.

 

– تأسس معسكر خدمة العلم الاول في الوروار بتاريخ 1 شباط 1993 وتم استدعاء الدفعة الاولى من المدعوين إلى خدمة العلم في 2 آب 1993 ليتابعوا فيه دورة التنشئة الاساسية القسم المشترك. على أن يتابعوا دورة التنشئة الاساسية القسم النوعي في مختلف ألوية الجيش وقطعه التي سيشكّلون اليها.

 

– حتى تاريخ 23/3/2000 أنهت دفعات عدة من المعاونين والرقباء والأفراد المجندين القسم المشترك في المعسكر.

 

– منذ تاريخ 3/4/2000 بدأت دفعات المجندين الجديدة بمتابعة القسم النوعي في المعسكر وقد استثني من متابعة المكتب المذكور الرتباء المجندون ومجندو الخدمة العسكرية اللوجستية والمجندون الحائزون على اختصاصات محددة والمجندون الذين يخضعون لامتحانات سوق وينجحون فيها أثناء متابعة القسم المشترك.

 

– في أواخر العام 2004، عدّل مجلس النواب اللبناني قانون خدمة العلم أو ما يعرف بالتجنيد الإجباري، هذا التعديل شمل تخفيض مدة الخدمة الإلزامية من سنة إلى ستة أشهر، تمهيداً لأن يكون قانون الإلغاء النهائي نافذاً بعد سنتين، ليصبح قانون خدمة العلم مع بدايات العام 2007 بحكم الملغى.