Site icon IMLebanon

جيل جديد من سياسيّي لبنان

قد يقول قارئ العنوان عن وجود جيل جديد من السياسيين إنه حلم. لكن الوقائع تدفع في اتجاهه، بعدما أفل نجم الطبقة السياسية التقليدية، أو يكاد، وتجبر التطورات والمتغيرات الطبقة الحالية من السياسيين على الانكفاء، وتسليم بدائل، ولو كانوا من أولادهم واحفادهم وأصهارهم… فقد ملّ الناس الوجوه نفسها بعدما استهلكت اشكالهم وخطبهم وردات فعلهم. ولعل ماضي معظم السياسيين الحاليين، المثقل بأخطاء وخطايا، يجعل طريق بناء مستقبل معقدة ومستحيلة، اذ لا يمكن من لوثوا وتلوثوا في الحرب، واكملوا مسار الفساد في ما بعد، بناء مستقبل للبلاد، أو اقناع المواطنين بأنهم يمكن أن ينقلبوا فعلا على ذواتهم ليرسموا التغيير الآتي حتما. ولا يمكن لبنان أن يستمر في مساره التقليدي والمنطقة المحيطة به تتقلب بحثا عن مستقر. واذا كان ثمة اقتناع تكوّن لدى كثيرين بأن القرار الدولي، أو لنقل الإحاطة الدولية، تحمي لبنان من خربطة امنية، فإن تلك الإحاطة لا تشجع على بقاء الطبقة السياسية نفسها، ولا تراهن عليها في مواكبة شرق اوسط جديد لم تتضح معالمه بعد. فالتغيير الذي اطاح انظمة كثيرة في المنطقة، وهو سيجبر انظمة اخرى على التجدد، لن يحمي طبقة لبنانية تشكل امتداداً لتلك الحقبة.

وهكذا بدأت لدى عدد من الاطراف مسيرة تغيير طوعية ناتجة من قراءة، ربما تكون متقدمة، في المتغيرات. حزب الكتائب كان اول المبادرين عمليّاً الى التجديد، فتقدم النائب سامي الجميل الى رئاسة الحزب محاولاً رسم صورة لحزب قادر على مواكبة العصر، يطمح الى استيعاب عناصر جديدة ومتنوعة.

ويدرك النائب وليد جنبلاط بحدسه أن التغيير بدأ، وان توريث نجله تيمور، الصامت الاكبر حتى تاريخه، هو جزء من اللعبة الضرورية للمحافظة على البيت الدرزي العريق، خصوصاً مع تنامي النزعة الى مواجهة الاب في مناطقه الانتخابية بعدما أفسد الود مع حلفاء الامس المتعددين. ومثله النائب سليمان فرنجية الذي يستعد أيضاً لتوريث نجله طوني، الشاب الرصين الذي يجهد لبناء شبكة من العلاقات الجديدة لا تتحمل أوزار مواقف والده.

اما “التيار الوطني الحر” فالتغيير فيه واقع حتما، لكنه مشوب بمخاطر، اذ لم يبن بعد هيكلية تنظيمية تساعده في المرحلة الانتقالية. والعماد ميشال عون، المحارب على جبهات عدة، يتابع بصعوبة تفاصيل اللعبة داخل البيت الواحد. و”تيار المستقبل” فرض عليه التغيير قبل سنوات، لكنه يحتاج الى المزيد منه.

ويتخوف المحيطون بالرئيس نبيه بري من أن تكون ولايته الحالية في رئاسة مجلس النواب هي الاخيرة، ويدركون أن صعود حركة “امل” مرتبط بتلك الرئاسة، ويفكرون سرا في الوريث. اما “حزب الله” الذي عدل نظامه الداخلي للأمانة العامة مرات عدة، فيعوض بوجوه جديدة في كل دورة نيابية لاستيعاب متجدد للناس.