IMLebanon

لقاء جديد مساء اليوم بعد سجال لافت “الحزب” – “المستقبل”: من “يحمل” وقف الحوار؟

العاصفة السياسية التي تزامنت مع انعقاد الجلسة التاسعة للحوار بين “حزب الله” و”تيار المستقبل” الى اي مدى يمكن ان ترخي بظلالها على هذا الحوار؟ وهل تنحسر مع خوض المتحاورين مساء اليوم في مناقشة “جدول الاعمال”؟ وهل كانت مؤشر حرص على استمرار الحوار أم انه كان مبالغا فيها الى درجة التشكيك في هذا الاستمرار؟ لا حلّ وسطاً بين الاحتمالين سوى إمكان الحديث عن محاولة تحسين شروط التفاوض بين الطرفين، ولكن أي شروط ما دام جدول اعمال الحوار محصورا بعنوانين عامين هما: التهدئة وازالة اسباب التوتر، والخروج من الازمة السياسية الراهنة، بمعنى التفاهم على الخطوات الآيلة الى انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت.

ولعل التصريحات التي أدت الى سجال بين قوى أساسية في تحالف قوى 14 آذار وقوى 8 آذار ما كانت لتأخذ هذا المنحى لو لم يكن أبرزها صادرا عن زعيم “تيار المستقبل” الرئيس سعد الحريري ورئيس كتلة “المستقبل” النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، وهو ما اعطاها هذا البعد واستدعت ردا من رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد وآخر من رئيس المجلس التنفيذي لـ”حزب الله” السيدهاشم صفي الدين، وقد اتسم الردان بـ”المبالغة والتصعيد غير المبرر” وفق تعبير مصادر قريبة من “كتلة المستقبل”، ولاسيما ان المواقف التي استدعت الردود ليست جديدة وقد أعلنت في محطتين مفصليتين، الاولى في 14 شباط لمناسبة الذكرى العاشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، والثانية في المؤتمر الثامن لقوى 14 آذار. وتستغرب هذه المصادر حجم الردود على تلك المواقف، وتسأل: “هل هو جديد موقف “المستقبل” وقوى 14 آذار عموما من التدخل العسكري لـ”حزب الله” في الحرب الدائرة في سوريا دعما للنظام؟ وتلفت الى ان هذا الموقف يكاد لا يغيب عن كل البيانات التي تصدر عن الطرفين. ثم أين المشكلة لدى “حزب الله” وقوى 8 آذار عموما من انشاء قوى 14 آذار مجلسا وطنيا لا يضم احزاب تلك القوى فقط، بل شخصيات وممثلين لهيئات المجتمع وناشطين في الشأن العام؟ لمَ كل هذا الضجيج حول تلك الخطوة؟ وليقل لنا المعترضون اين يمكن ان تؤثر على مسار الحوار؟ وما هو مبرر الحديث عن “ألسنة السوء والتطاول على المقاومة ومشروعها” وغير ذلك من عبارات، وردت سواء في رد النائب رعد او السيد صفي الدين؟ هل مبرر تلك العبارات هو قول الرئيس السنيورة اننا “لا نريد هزيمة احد ولن نسمح لأحد بأن يهزمنا، وان ما نريده هو عودة جميع اللبنانيين الى لبنان الدولة، لا بشروط طائفة او حزب او قوة اقليمية محددة، بل التزاما وتطبيقا للدستور بدءا بانتخاب رئيس للجمهورية؟”. وتضيف المصادر نفسها انها كانت تتمنى لو بادر “حزب الله” ومعه احزاب قوى 8 آذار الى الرد على التصريحات الاخيرة لمستشار الرئيس الايراني حسن روحاني السيد علي يونسي، والتي تحدث فيها عن “امبراطورية ايرانية عاصمتها بغداد”، وما شابه من عبارات وردت في السياق نفسه، وأقل ما يمكن ان يقال فيها انها خطيرة”!

ويبدو ان الاوساط القريبة من “حزب الله” ومن قوى 8 آذار عموما، شأنها شأن اوساط “المستقبل” وقوى 14 آذار، لن تخوض في سجال مفتوح، وان الطرفين قد اكتفيا بالمواقف المعلنة، وهذا على الارجح دليل ارادة عند كل منهما للمضي قدما في جلسات الحوار، ومؤشر جيد، وان يكن لكل طرف حساباته واعتباراته في هذا الصدد، ولكن ليس في امكان اي من طرفي الحوار، ان “يحمل” مسؤولية وقف جلسات الحوار، والتي مهما قيل عنها وعن “تواضع” جدول اعمالها، فإنها عكست أجواء ايجابية في مختلف الاوساط، سواء نتيجة تراجع ملحوظ في حدة الخطاب السياسي (قبل السجال الاخير والذي بقي محدودا) او في التزام الجميع قرار ازالة الصور والشعارات والاعلام الحزبية من العاصمة وصولا الى طرابلس والخط الساحلي جنوبا.

ومن خارج الاصطفاف السياسي بين قوى 8 و14 آذار، يرى مرجع سياسي مستقل ان الحوار امر مفيد وضروري في كل حين، ولاسيما بين طرفين مختلفين، ولكنه في النهاية لا يكفي وحده، والمطلوب “يوما ما” قيام حوار وطني يضم جميع المكونات السياسية في البلاد ويتضمن جدول اعمال كل العناوين الخلافية، وبكل وضوح وجرأة، بعيدا من كلام العموميات الذي لا يؤدي الى النتائج المطلوبة في النهاية، وابرزها قيام الدولة القادرة والعادلة التي تشكل مظلة للجميع. وهنا صلب الموضوع والقضية الاساس.

ويلفت المرجع المذكور الى “اهمية التوصل الى فهم مشترك للعناوين الكبيرة قبل بدء الحوار، والا يستمر الدوران في حلقة مفرغة”. ويضرب مثلا: “الكل يطالب ببناء الدولة القادرة والعادلة، بكل مؤسساتها، وبما فيها الجيش القادر على حماية البلاد والتصدي لأي عدوان اسرائيلي محتمل، هذا كلام جميل، والاجمل منه هو التوصل الى فهم مشترك لمواصفات تلك الدولة وذاك الجيش، وإلا يبقى في استطاعة اي طرف ان يعتبر ان مواصفات الدولة الموعودة غير مطابقة للشروط القانونية والدستورية…

وفي انتظار حوار وطني بهذا الحجم، لا بأس من استمرار الحوار بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، وبين “المستقبل” و”حزب الله” مساء اليوم بدعوة من رئيس مجلس النواب نبيه بري وبضيافته!