ترتدي زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى نيويورك أهمية بالغة، كونها تشكل محطة تاريخية بالنسبة للبنان في المرحلة الإقليمية والدولية الراهنة. وقد رأت مصادر سياسية مطلعة، أن صورة لبنان الرسمية ستتحدّد ضمن هذه الزيارة التي تضع القضايا اللبنانية الملحّة على الروزنامة الدولية، من خلال الأمم المتحدة وجمعيتها العمومية، وذلك بعد تطورات دراماتيكية شهدتها الساحة المحلية، بدءاً من المعركة على الإرهاب، وصولاً إلى استضافة نحو مليون نازح سوري لجأوا إلى الأراضي اللبنانية منذ اندلاع الصراع في سوريا. وقالت هذه المصادر، أن أهمية إطلالة رئيس الجمهورية في نيويورك، تتمحور حول ما يمكن اعتباره مؤشّراً على الواقع اللبناني في المستقبل، ولفتت إلى أن المؤشّر الأول سيظهر عبر مضمون الكلمة التي سيلقيها الرئيس عون، والتي سيرسم فيها واقع لبنان الفعلي، في ظل التحديات التي واجهها في السنوات الماضية، كما عشية استحقاقات إقليمية خطيرة قد تنعكس سلباً عليه. أما المؤشّر الثاني، وبحسب المصادر نفسها، فهو يتمثّل بطبيعة ومستوى اللقاءات الثنائية التي سيعقدها رئيس الجمهورية مع رؤساء وقادة دوليين على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة. واعتبرت أن هذه الإجتماعات هي التي ستحدّد مسار علاقات لبنان الدولية وحجم الدعم الخارجي، خصوصاً من دول القرار للقضية اللبنانية بشكل عام، والتي سيعرضها رئيس الجمهورية في نيويورك، ويطلب دعم الأمم المتحدة لها وبكل تفاضيلها.
من جهة أخرى، أكدت المصادر السياسية المطّلعة، أن ملف النازحين السوريين سيحتل حيّزاً مهماً في كلمة رئيس الجمهورية في الجمعية العمومية، معتبرة أن الموقف الرسمي اللبناني سيحدّده الرئيس عون، إذ أنه سيطالب بدعم دولي للبنان لتحمّل أعباء النزوح الهائلة، ومواجهة انعكاسات هذا النزوح على كل المستويات الأمنية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية. وأوضحت أن موقف الرئيس عون في هذا المجال، يعدّ من أهم المواقف التي ستدعم التصوّر اللبناني إزاء قضية النزوح، لا سيما وأن واقع النازحين السوريين في لبنان يختلف بنسبة كبيرة عما هي الحال في دول الجوار السوري، والتي تنال بشكل دوري مساعدات من قبل المجتمع الدولي لاستضافة النازحين في مخيمات خاصة بهم، وليس في كل أراضيها.
وفي هذا الإطار، فإن أكثر من رسالة سيتضمنها خطاب رئيس الجمهورية إلى زعماء وقادة العالم، كما أضافت المصادر نفسها، ذلك أن الإنتصار الذي حقّقه الجيش اللبناني في معركة «فجر الجرود» على إرهاب تنظيم «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية والإشادة الدولية التي صدرت إثر هذا الإنتصار، قد سبقت زيارة الرئيس عون، ورسمت صورة جديدة للبنان الذي ما زال يعاني نتيجة غياب الدعم الدولي، وذلك في الوقت الذي يواجه فيه تحديات أمنية على حدوده الجنوبية نتيجة استمرار الإحتلال الإسرائيلي لأراضي لبنانية ومواصلة الخروقات للسيادة اللبنانية، وعدم تطبيق القرارات الدولية.
وبالتالي، فإن الإطلالة اللبنانية الرسمية، والتي تأتي بعد مرحلة من الشغور في موقع رئاسة الجمهورية، سوف تنتج مشهداً جديداً للبنان، والذي يمثّل نموذجاً لتعايش الطوائف والحضارات، ويلعب دوراً بارزاً على صعيد المنطقة، مما يستدعي عدم تهميشه في أية عمليات تسوية يجري الإعداد لها انطلاقاً من الإتفاق الدولي على حلّ أزمات المنطقة. وبرأي المصادر السياسية المطّلعة، فإن النتائج الأولية لهذه الزيارة ستظهر من خلال المواقف الدولية تجاه ما سيحمله رئيس الجمهورية، كما من خلال حجم التجاوب والدعم للمطالب اللبنانية المحقّة.