IMLebanon

قرار هدنة جزئية مملوء بالثغرات المدروسة

 

قرار الحرب لا يزال أكبر بكثير من قرارات مجلس الأمن حول هدنة انسانية أو تسوية سياسية في سوريا. ولا شيء يوحي ان القرار ٤٢٠١ الداعي الى وقف الأعمال العدائية لمدة ثلاثين يوما في كل أنحاء سوريا مرشح لأن يكون أمر اليوم المحلّي والاقليمي والدولي. فالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس يرى ان الوقت حان لوقف هذا الجحيم على الأرض. وهو، مثل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية انغيلا ميركل وعدد كبير من قادة الدول، في رهان على الرئيس فلاديمير بوتين للضغط من أجل تطبيق القرار. لكن الكل يعرف ان الجحيم على الأرض هو للمدنيين السوريين الأبرياء وليس للمتصارعين على سوريا وفيها.

ذلك ان القرار الأخير مملوء بالثغرات المدروسة. لا تحديد موعد لبدء تطبيق الهدنة. لا آلية لمراقبة التطبيق. لا أنياب لمعاقبة أي طرف يخرق الهدنة. ولا وضوح يحول دون التأويل واختيار الأطراف التي يجب أن تستمر الحرب ضدها الى جانب داعش والنصرة والتنظيمات التي تصنّفها الأمم المتحدة في خانة الارهاب. فالرئيس رجب طيب أردوغان يصنّف قوات حماية الشعب الكردية في خانة الارهاب، خلافا للموقف الدولي، ويعتبر ان حرب تركيا ليست جزءا من حرب سوريا وستستمر حتى انهاء الارهابيين في منطقة عفرين وسواها. ورئيس أركان الجيش الايراني الجنرال محمد باقري يؤكد ان عمليات الجيش السوري وداعميه ستستمر في مناطق ليست خاضعة لوقف النار.

 

أما وزير الخارجية الروسي، فانه يركّز على أمرين: أولهما ان وقف النار سيبدأ بعد ان يتّفق جميع أطراف النزاع على طريقة تطبيقه بشكل كامل في كل سوريا. وثانيهما ان وقف النار لا يحمي شركاء النصرة وبينهم أحرار الشام وجيش الاسلام، وهم هدف مشروع لتحركات القوات المسلحة السورية وداعميها. وأما داعش والنصرة وبقية التنظيمات الارهابية، فلا أحد يمون عليها، ولا القرار يطلب منها وقف النار، إذ هي هدف لموسكو ودمشق وطهران وأنقرة. لا بل ان مجلس الأمن القومي الروسي برئاسة بوتين يعبّر عن القلق الشديد حيال الأعمال الاستفزازية للمتشددين الذين لا يلقون أسلحتهم ويتخذون من السكان المحليين رهائن حسب الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف. فماذا لو انتهت الأيام المحددة للهدنة قبل ان يتفق جميع الأطراف على طريقة تطبيق وقف النار؟

التراجيديا مستمرة على المسرح السوري: وقف النار جزئي وموقت. والرهان على خيار عسكري لفرض خيار سياسي قاد ولا يزال الى حلّ عسكري مستحيل وحلّ سياسي متعثر وضائع على الطرق بين استانا وسوتشي وجنيف.