IMLebanon

تعنّت شخصي.. لقرار وهمي!

يبدو أن تأجيل انعقاد جلسات مجلس الوزراء لمدة ثلاثة أسابيع إفساحاً في المجال أمام المفاوضات مع التيار وحلفائه لحلحلة العقد وتخفيف التصلب في موضوع التعيينات الأمنية باء بالفشل، والغطاء الرسمي الذي أمّنه الرئيس نبيه برّي لعودة انعقاد مجلس الوزراء لم يكن كافياً للتصدي للإصرار على التعطيل… الذي انتصر على الرغبة العامة بالخروج من المأزق الحالي عبر إعادة الحياة لآخر سلطة فاعلة في الدولة.

فالواضح من سير جلسة الأمس أن نيّة التفجير هي المحرّك الأول للوزراء العونيين يساندهم وزراء حزب الله، مما يطرح علامة استفهام كبيرة حول حقيقة النوايا المبيتة التي تأخذ الساحة المحلية نحو أزمة مفتوحة قد يستغلها الداعون لمؤتمر تأسيسي حتى ينسفوا الطائف ويدور لبنان في دوّامة الفراغ والشلل التام ويسهل بعدها فرض شروط فريق من دون أن يقاوم الشريك، الذي أثبتت التجارب في السنوات الأخيرة أن حسّه الوطني أقوى من أية حسابات أخرى، فتعوّد على التضحية بالغالي والنفيس، إنقاذاً للدولة ومؤسساتها ومنعاً للفتنة وارتداداتها!

ولكن مَن تعوَّد قراءة التجارب واستخلاص العِبَر لا بدّ أن يكون على يقين تام أنه لا يمكن الاستئثار بالقرار إلا لمرحلة مؤقتة، فاللعبة الإقليمية هي المحرك الرئيسي، ولا يمكن الاستخفاف بالعقول والإيحاء بأن تعطيل مجلس الوزراء وإدخال الحكومة في غيبوبة مفتعلة ممكن أن يكون لصالح لبنان.

ويبقى السؤال الأكبر: هل هي فعلاً قضية مناقبية، أم أنه تكتيك عكسي يهدف إلى سوء التسويق للإسقاط ، لأنه لا يمكن لوطن أن ينهار والمؤسسات تتعطل لأجل منصب، ولا يمكن أن يتحوّل صاحب الإجماع على كفاءته ووطنيته إلى قضية شخصية تكرّس فكر «الأنا أو لا أحد» الذي تعوّد التيار على انتهاجه.

فهل جاءت كلمة السر بالتعطيل حتى تتبلور الصورة الإقليمية الأكبر، أم أن الاستباحة المحلية تأخذ مجدها في ظل غياب المواجهة الجدية والحاسمة لها؟ وفي خضم هذه العاصفة الجديدة التي تدخل البلاد في المجهول، يبقى العباد في مهبّ الرياح المحلية والدولية العاتية، مجرّدين اقتصادياً وعراة أمنياً في دولة لم تستطع حماية مواطنيها، وشعب لم يعرف كيف يحصّن وطنه وجنرال لم ينجح تعنته إلا في قلب الموازين، فأقصى القريب صاحب المناقبية وفرض القريب الغير كفؤ في شتى المراكز العامة والخاصة!