أنهت أميركا قطيعة دامت قرابة 50 عاما مع كوبا طوت بها صفحة خلاف مع إحدى دول الحرب الباردة، وهذا ما سيذكره التاريخ، ونقطة على السطر! لن يقول التاريخ إن أوباما انتصر، أو حقق اختراقا.. هي صفحة خلاف لا معنى لها، مع سير الأحداث، وطويت.
وعليه فالقصة ليست كوبا تحديدا، بل هي حول صورة وزعها البيت الأبيض، وأشك أن الإعلام العربي قد نشرها، تظهر مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس تعانق بعاطفية لافتة ريكاردو زونيقا، المستشار الخاص لملف أميركا اللاتينية، ويبدو بخلفية الصورة الرئيس أوباما جالسا على مكتبه بعد إجرائه المكالمة الهاتفية مع الرئيس الكوبي، وقبل أن يعلن أوباما خبر إعادة العلاقات الدبلوماسية الأميركية – الكوبية. الصورة تظهر فرحة عارمة للمستشارة رايس، وكذلك المستشار الخاص بأميركا اللاتينية، فهل إعادة العلاقات مع كوبا تمثل هذه الأهمية لفريق الرئيس أوباما؟
الحقيقة أن كوبا لا تشكل خطورة على الأمن الأميركي، ومنذ سقوط الاتحاد السوفياتي، وربما من قبل، بقدر ما أن الخلاف مع كوبا بات من النقاط الجدلية بالانتخابات الأميركية، نيابية ورئاسية، فكوبا لا تمثل خطورة على الأمن الأميركي، أو أمن المجتمع الدولي، بقدر ما تمثله إيران، أو «داعش»! ولا تمثل كوبا حتى الخطورة التي تمثلها الآن فعليا كوريا الشمالية على الأمن القومي الأميركي، وخصوصا بعد قيام هاكرز من كوريا الشمالية باختراق النظام الإلكتروني لأضخم شركة سينمائية في هوليوود وتهديد السينما الأميركية بعمل يفوق أحداث 11 سبتمبر الإرهابية، وذلك بسبب إنتاج فيلم كوميدي يتهكم على الرئيس الكوري الشمالي، وقد رضخت الشركة الأميركية للتهديد وأوقفت الفيلم، وهذا الاختراق الإلكتروني يعد بمثابة الحرب العالمية الأولى بالعالم الافتراضي، وعالم التكنولوجيا ككل!
حسنا، ما الذي تقوله لنا صورة المستشارة رايس وهي تعانق بشكل عاطفي أحد مستشاري البيت الأبيض لأميركا اللاتينية؟ الصورة تقول، وبكل بساطة، إننا أمام رئيس أميركي حاز جائزة نوبل للسلام بأول أيامه الرئاسية دون تحقيق شيء، فقط لأنه أول رئيس أسود بالبيت الأبيض، وها هو على مشارف نهاية فترته الرئاسية الثانية دون تحقيق إنجاز يذكر، بل سحب قواته بتعجل من العراق، وها هو يعود لهناك. وأعلن الانسحاب من أفغانستان، لكنه قرر الآن إبقاء عدد من الجنود الأميركيين بكابل! لم يحقق أوباما شيئا يذكر حول الصراع العربي – الإسرائيلي، ولم يستطع التوصل للآن لاتفاقية «تاريخية» مع إيران، وبعهده قتل الأسد ما يزيد على 200 ألف سوري، وشرد قرابة 9 ملايين منهم، وظهرت «داعش»، وانتعش الإسلام السياسي المخادع والكاذب، وبالتالي فإن الصورة تقول لنا إن أوباما، ومع نهاية فترته الرئاسية الثانية، هو مجرد رئيس يسابق الزمن من أجل تحقيق مجد شخصي، وليس فقط إنجاز يخدم الأمن القومي الأميركي، أو المجتمع الدولي، وهذا هو الخطر بعينه، والأمر الذي يجب التنبه له من الآن وحتى عام 2016، أي نهاية المرحلة الأوبامية!