قد تكون الزيادة التدريجية لأسعار الفوائد هي السبيل الأمثل للتعامل مع التضخم ودعم الاقتصاد الاميركي حسب Loretta Mester رئيسة بنك الاحتياطي الفدرالي في كليفلاند. في حديث لها مع الـ CNBC ، ودائمًا حسب Mester ، هذه الطريقة استراتيجية وهي الافضل في اطالة أمد التوسّع والنمو.
في تشرين الاول الماضي، اكد الاحتياطي الفدرالي ان الاقتصاد الاميركي توسّع بخطى ثابتة، مشيرا الى عدم استبعاد ان يجري تغيير في اسعار الفوائد في كانون الاول المقبل. ويبدو ان Mester غير قلقة في الوقت الراهن، سيما وان اسعار النفط وصلت الى أعلى مستويات لها هذا الاسبوع بسبب عدم الاستقرار السياسي في الشرق الاوسط مما يعني ارتفاعا في معدلات التضخم، ومما يعني ان الفدرالي الاميركي قد يكون اكثر جرأة في اتخاذ هذه الخطوة في كانون الاول.
قد يكون من الأجدى أن نثبت صدق الفكرة القائلة بأن معدل التضخم اقل من الهدف المرجو، وهذا ليس بسبب الاعمال التي قام بها الفدرالي، ولكن لأسباب اخرى تعتبر هيكلية، وحذار هذه التفسيرات الهيكلية في اي شيء في الاقتصاد لأنها عموما هي اعذار فقط لا غير. وحسب ملاحظات يلين، هناك تفسيرات لهذا التباطؤ في التضخم، وقد تكون التكنولوجيا والتسوق على الانترنت قد ساعدت على خفض التضخّم في العديد من البلدان او «يمكن ان تكون هناك تطورات في قطاعات محددة مثل ارتفاع اسعار المواد الطبية في الولايات المتحدة الاميركية والتي لا تدخل في احتساب معدلات التضخم.
وفق Paul Mortimer – lee قد يكون هذا نتيجة خطأ مجلس الاحتياطي الفدرالي اذ انه ورغم اربعة ارتفاعات متتالية لأسعار الفوائد لم يأخذ بالاعتبار توقعات التضخم في حد ذاته. وفي آخر تقرير لصندوق النقد الدولي جاء فيه ان بيئة حيث التضخّم دون المستويات المرجوة ينطوي على مخاطر كبيرة تؤدي الى الاعتقاد بأن البنوك المركزية مستعدة لقبول مستويات تضخم اقل من الهدف المرجو. هذا الأمر يقلّل من توقعات التضخم المتوسطة الاجل. ويبدو ان المشاركين في السوق يعون الى حد بعيد ذلك، ويعتقدون ان يلين قد تأخذ ذلك بالاعتبار قبل رفع اسعار الفائدة مرة اخرى في كانون الاول. هذه هي الصورة الموسعة. اما في الوقت الحاضر فهناك مواضيع عدة تشغل الاسواق المالية من أبرزها:
١- تعيين باول حيث اجتمعت اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ الاميركي لتأكيد ترشيحه لخلافة يلين وما يشهده اكبر اقتصاد في العالم من نمو وبطالة الاكثر انخفاضًا منذ حوالي نصف قرن وما تشهده وول ستريت من ارتفاعات تاريخية.
٢- لمدة ستة اسابيع تقريبًا شهدت السندات الحكومية الاوروبية فترات جيدة مع تمديد عملية شراء الاصول ونمو اقتصادي، انما بدأت تظهر شقوق مع ميركل ومحاولاتها من اجل تشكيل ائتلاف حكومي ومع حكومة ايرلندا على حافة الانهيار وانتخابات ايطاليا تلوح في الافق مما يعني ان المخاطر السياسية في اوروبا ما زالت على حالها.
٣- منتجو النفط في فيينا واجتماعهم في ٣٠ تشرين الثاني لدعم اسعار النفط الخام.
هذه الامور محورية ان كان بالنسبة لأميركا او اوروبا او دول الاوبك، والأهم انها قد تؤثر بشكل واضح على نسب التضخم والنمو واسعار الفوائد، والاهم ايضا هو ان اسعار الفوائد الاميركية هي الاهم في العالم وتردداتها قد تصيب العالم اجمع ان من حيث الاستثمار او التجارة العالمية او سعر النقد. لذلك اذا تمت عملية رفع اسعار الفوائد، ستكون هي الرابعة في سلسلة من الزيادات. وقد نتوقع المزيد من التضخم وربما تندلع حرب تجارية بين اوروبا والولايات المتحدة، سيما وان معدلات الفائدة الاميركية تعتبر متغيرًا رئيسيًا في الاقتصاد العالمي بأسره، وأي ارتفاع في اسعار الفوائد هذه تعني ارتفاعًا حادًا في قيمة الدولار، سيما امام اليورو. هذا الموضوع واضح في تفسيره، اذ انه كيف يمكن لأي شخص ان يكتفي بأسعار فوائد صفرية في اوروبا في حين انه يمكن ان يكسب ٤ بالمائة في الولايات المتحدة. وهذا يعني ايضًا ان اضعاف اليورو سيعصف بالفائض التجاري الاوروبي مع الولايات المتحدة الاميركية.
لذلك، سوف يكون هذا الاسبوع مهماً، خصوصا ان حاكم مجلس الاحتياطي الفدرالي الذي اختاره دونالد ترامب سوف يظهر امام اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ وجانيت يلين سوف تقدم تقريرها عن الاقتصاد الاميركي في الكونغرس. والأمر الاكيد ان باول ليس بعيدا عن يلين من حيث الامور الاساسية والسياسة النقدية ولكن ربما يتراخى عندما يتعلق الامر بتنظيم العمل المصرفي. وحسب البعض، ما يحدث هذا الاسبوع قد لا يكون لها تأثير كبير على امكانية رفع الفوائد في كانون الاول المقبل انما ما سوف يقوله باول ازاء السياسة الجديدة وحول التضخم وسبل المعالجة قد يكون له تأثير كبير على الاسواق. وهناك ايضًا البيانات المتعلقة بنفقات الاستهلاك الشخصي ومبيعات السيارات.
هذه هي الصورة بشكل عام. انه اسبوع حاسم في اميركا، وهناك ردات فعل منتظرة او غير منتظرة في المصارف المركزية مع امكانية تجاوز خطوات الفدرالي الاميركي سيما المصارف الاسيوية والتي جرت العادة فيها ان يتم تحريك اسعار فوائدها جنبًا الى جنب مع مجلس الاحتياطي الفدرالي. انما قد يكون السيناريو الحالي قد يتغير والفصل بينهم واضح في الوقت الحاضر على الاقل.
جدير بالذكر، أن اسيا تستضيف العديد من اسرع الاقتصادات نموًا. وتشير بيانات صندوق النقد الدولي الى نمو صلب للعام ٢٠١٧ مع نسب تضخم معقولة ومحاصيل سندات لا تزال جذابة بالمقارنة مع منطقة اليورو والولايات المتحدة واليابان وهي الموطن للعديد من اكبر المستثمرين في العالم مما يعطي البنوك المركزية الاسيوية العديد من الخيارات لمواجهة تحركات مجلس الاحتياطي الفدرالي المقبل.
لذلك يعتبر هذا الاسبوع مفصليا، اقله في الفترة المقبلة، لجهة ارتفاع الفوائد، وان كانت منتظرة قد تكون تأثيراتها متفاوتة في ظل التناقضات العالمية، سواء على مستوى النمو او السياسات المالية او السياسة النقدية بشكل خاص.
مستويات التضخّم
قد تمنع رفع أسعار الفوائد