IMLebanon

«الظّريف» وليد جنبلاط

تمرُّ على اللبنانييّن أيامٌ عصيبة، بل عصيبةٌ جدّاً، ووحده الله يعلم ما ستفضي إليه طامّة الانتخابات الرئاسيّة المعطّلة وما إذا كانت ستأخذنا إلى «طامّة» أدهى وأمرّ، وفيما يقتضي المشهد الداخلي منتهى «الجديّة» يحرص النائب وليد بك جنبلاط منذ مساء الأحد على إطلاق تغريدات «مستظرفة» في وقت لم يعد أحد قادرٌ على تحمّل هذا «الظّرف» الجنبلاطي الذي سبقته صورة مأساويّة حذّرت من»الوضع اليائس»، فيما يجد «البيك» وقتاً لتَرف «الظّرف»!!

«أتت كلمة السر.. الله يستر»، حوّمت هذه التغريدة مساء الأحد بعد نهار انقسم فيه اللبنانيّون بين مترقّب لانتخاب الجنرال ميشال عون رئيساً للجمهوريّة، وبين من لم يجد في الخطاب العوني نهار الأحد الماضي سوى مشهداً مستعاداً من العامين 1989 و1990 والتوجّس خيفة من الآتي الأعظم على لبنان، وبين موقف الفريقين لا يتحمل الوضع «خفّة الدم» الجنبلاطيّة، فالبلد مأزوم، ومأزوم جدّاً، والأعصاب اللبنانيّة لا تتحمل هذا «الاستظراف» التويتري المستغرب!

من المفارقات الجنبلاطيّة التي اعتادها اللبنانيّون أن يضطرّ النائب وليد جنبلاط إلى تصحيح بعض تغريداته عندما يتعلّق الأمر بالرئيس نبيه بري أو تشنجات حزب الله، ولكن بعيداً عن «الثنائيّة الشيعيّة» لا يكترث جنبلاط كثيراً بالأثر السلبي الذي قد تخلّفه تغريداته على اللبنانيين وأعصابهم، «الله يستر عليك وليد بيْك» لا ينقصنا «ظُرفك» وسط هذا القلق الرئاسي، خصوصاً إذا ما قارنّاه بتغريدتك عن «السّلال الفارغة» ثم سحبك لأقوالك بتغريدة توضيحيّة عن «سلّة» الرئيس نبيه بري وما حَوَت!

«انتخاب أيّ يكن رئيساً للجمهورية والتخلي علن السلال»، احتلّت هذه التغريدة نهار السبت كلّه قبل أن يُضطرّ النائب وليد جنبلاط إلى إطلاق تغريدات بعد ظهر السبت عن «سوء فهم حول قضية السلة»، فأعاد مدحها بتغريدة توضيحيّة قال فيها «السلة أساس للانطلاق ولا تستكمل إلا بانتخاب رئيس، متمنياً في هذا المجال وبكل محبة ألا تستخدم ذريعة أو متراس لأي حساب سياسي»!!

ربّما تستحقّ «سلّة» الرئيس نبيه بري «احترام» النائب وليد جنبلاط أكثر من «رئاسة الجمهوريّة» التي يتعامل معها منذ ما بعد ظهر الأحد الماضي بـ»مسخرة» ليست مقبولة في هذا التوقيت بالذات، فلم يكلّف نفسه عناء توضيح ما قصد بـ»الله يستر»، بل زاد مساء الأمس تغريدة جديدة ساخرة فقال: «كلمة السر مشفّرة وحلّوها يا شباب»!!

«الدوامة المدمرة»، هذه الصورة أطلقها وليد جنبلاط في تغريدة «السلال الفارغة»، ما الذي غيّر موقف وليد جنبلاط من «كفانا سلالاً فارغة وأوهاماً بأن لبنان في جدول أولويات الدول… هناك فوضى عالمية عارمة لذلك التسوية الداخلية أياً كان ثمنها تبقى أقل كلفة من الانتطار، لأن التسوية السياسية في انتخاب رئيس اهم من فوائد قصيرة المدى في اغراءات آنية قد تكون مضرة على المدى الطويل… مصلحة لبنان أهم من مصلحة بعض الأفراد… لا أعتقد أن حزب الله وغيرهم من القوى الموجودة تستطيع تحمل مخاطرة الفراغ. حافظوا على الاستقرار بالخروج من هذا الفراغ» إلى «كلمة السر مشفّرة وحلّوها يا شباب»؟ أظنّ أنّه عندما يتعلّق الأمر بالرئيس نبيه برّي «يقبض» وليد جنبلاط رئاسة الجمهوريّة جدّياً، وعندما يتعلّق الأمر بالرئيس سعد الحريري أو بـ»الموارنة رح ينقرضوا» يُديرها وليد جنبلاط مسخرة واستظرافاً واستخفافاً، بأسلوب يذكّرنا بأسلوب تعاطيه مع أزمة النفايات وتغريداته عن ميسرة سكّر!!

مؤسف هو «الاستظراف» الجنبلاطي في هذه اللحظة العصيبة من تاريخ لبنان، وفي هذه الأيام المرهقة التي يعيشها اللبنانيّون بأعصاب مشدودة وأفكار قلقة عن حاضرهم ومستقبلهم ومصيرهم ومصير أبنائهم في وطنٍ يكاد ينجرف إلى الهاوية فيما بعض الذين ذبحوه مئات المرات في الحرب فكانوا «بوم الخراب» وحلبوه ملايين المرات مليارات لأبنائهم في السلّم، وما زالوا يستظرفون في الوقت اللبناني الضائع!!