IMLebanon

أزمة سياسية واقتصادية  على طريق أزمة دستورية

ليس أهم من النزول الى الشارع سوى أن يكون المتظاهرون عابرين للطوائف. والأهم هو أن يكون المناخ وطنيا والوضع الديمقراطي سليما وصحيا، بحيث تتم معالجة المشاكل والمطالب عبر المؤسسات بما يغني عن الشارع. فالنزول الى الشارع هو السلاح الأخير في أيدي الذين يتحركون من أجل مطلب عام. وهو، حين تقصّر الشرعية في القيام بواجباتها تجاه المواطنين أو تظلمهم، المكان الذي يمارسون فيه الشرعية الشعبية.

لكن المشكلة بشكل عام ان الشارع شوارع في النظام الطائفي وخصوصا في أوقات الاستقطاب الطائفي والمذهبي الحاد. فكل تهديد بالنزول الى الشارع تمارسه قوة طائفية ومذهبية يأتي الرد عليه بالمثل من جانب قوة طائفية ومذهبية أخرى. وكلما تمكن المجتمع المدني من القيام بتظاهرة وطنية، تكاتفت القوى الطائفية الخائفة من فقدان جماهيرها على إفشال المشهد الحضاري بوسائل متعددة.

ذلك ان ما يطالب به المتظاهرون في ساحة رياض الصلح هو ما كان على السلطة فعله من دون حاجة الى رفع الصوت. فالمسألة ليست كون سلسلة الرتب والرواتب حقا مستحقا بل مدى ارتباطها أو عدمه باصلاح اداري. وهي ليست فرض أو عدم فرض ضرائب، كما توحي السجالات، بل في اطار أية سياسة اقتصادية ومالية توضع الضرائب. والواقع ان القاسم المشترك بين القوى السياسية المختلفة على أمور كثيرة هو التسليم بالسياسة النيوليبرالية في الاقتصاد. فضلا عن ان المحاصصة والفساد والهدر صارت القاعدة لا الاستثناء. ولا أحد يعرف، بصرف النظر عن الوعود والنيّات الحسنة لدى البعض، كيف يمكن صنع أعجوبة اسمها وقف الهدر ومكافحة الفساد والتخلّي عن المحاصصة في مواجهة نافذين غارقين في الفساد والهدر والمحاصصة.

ولا أحد يجهل ان ضغط الوضع الاقتصادي والمالي المأزوم على الطبقتين الوسطى والفقيرة تجاوز حدود التحمّل. وبدل أن تساهم التركيبة السياسية في معالجة الوضع الاقتصادي، فان ما يحدث هو اضافة أزمة سياسية الى الأزمة الاقتصادية. ونحن حاليا في أزمة سياسية على الطريق الى أزمة دستورية. واذا لم يكن العجز المستمر بالقصد عن الاتفاق على قانون انتخاب، والدوران حول سلسلة الرتب والرواتب منذ سنوات، والعمل على موازنة بلا رؤية ولا اصلاحات، أزمة سياسية فكيف تكون الأزمات؟ واذا كانت الخيارات أمامنا هي إما اللاانتخابات والفراغ النيابي وإما التمديد للمجلس الممدد له مرتين، فاننا على طريق أزمة دستورية ثقيلة أو لايت.

وليس من المعقول أن تصبح الانتخابات مأزقا، في حين انها المخرج من أية أزمة سياسية معقدة في العالم.