ترتسم هذه الايام ظلال من الشكوك العميقة في امكان التوصل الى حلول لاي من الازمات التي يتخبط فيها البلد، مع بلوغ الوضع الداخلي في مختلف جوانبه قمة التأزم، وسط تصاعد الانقسامات السياسية ومحاصرة لبنان خليجيا، ما استدعى دخولا خارجيا مباشرا على الخط من خلال اتصالات تدور بين مسؤولين لبنانيين واجانب محورها تثبيت الاستقرار على وقع تأرجح حكومة ربط النزاع السلامية على حبال الازمات المتلاحقة، ومصيرها المعلق على ادراك القوى السياسية لحجم المخاطر القادمة في حال اصر الرئيس تمام سلام على اعلان الاستقالة، في وقت تتجه فيه الانظار الى وزير الخارجية والتزامه بالاجماع المبهم للحكومة اللبنانية.
وفي هذا الاطار علم ان اتفاقا جرى بين الوزير جبران باسيل ورئيس الحكومة، بناء لطلب الاول، لابقاء قنوات الاتصال التنسيقية مفتوحة، على ان ينفّذ «حصراً» البيان الوزاري للحكومة، تلافيا لأي مسؤولية تلقى على عاتقه، حيث رأت اوساط سياسية ان «باسيل محكوم بالتنسيق مع سلام لا سيما ان الأمانة العامة للجامعة كانت قد ابلغت كل الدول العربية بما فيها لبنان ان موضوع تعيين الأمين العام الجديد يتطلب ان يكون وزراء الخارجية مفوضين من قبل قادتهم للبتّ في هذا الشأن، خاصة ان ترشيح وزير الخارجية المصري السابق احمد ابو الغيط قد يواجه بمرشح سعودي- اماراتي، ما لم تتم التسوية في ربع الساعة الاخير، الامر الذي يضفي حساسية على الموقف اللبناني «المأزوم».
وفيما يبدو أن الدول الخليجية مصرة على الاستمرار في مواجهتها المفتوحة مع حزب الله، مع الكشف عن اجتماعات للمعنيين في دول المجلس، لبحث الآليات التطبيقية لقرارها بالاجماع باعتبار حزب الله منظمة إرهابية، والتي من بينها اجراءات ملاحقة المرتبطين بالحزب من أفراد ومؤسسات، حيث علم في هذا الاطار انه سيتم حظر كل من يتعامل مع الحزب بطرق مباشرة أو غير مباشرة، على ان يترك لكل دولة تطبيق ما سيتخذ القرار وفقا لقوانينها.
في غضون ذلك تضاربت المعلومات حول مصير القرار الخليجي بطرح ملف حزب الله على طاولة الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية في مقر الامانة العامة، بعد قرار تأجيل القمة السابعة والعشرين الى تموز، حيث اشار ديبلوماسي عربي في بيروت الى رجحان كفة التريث في عرض الموضوع على الاجتماع الاستثنائي، افساحا في المجال امام الاتصالات الدولية التي تتولاها فرنسا والعربية والكويت، والحديث عن اتصالات قطرية مباشرة مع الجهات اللبنانية المعنية، والتي يرتقب بحسب البعض ان تترجم على هامش الدورة في حركة اللقاءات التي سيجريها وزير الخارجية لرأب الصدع في العلاقات اللبنانية- الخليجية، علما ان اي مواعيد لم تحدد حتى الساعة.
من جهتها رجحت أوساط دبلوماسية غربية أن تكون الاجراءات التصاعدية المتدرجة التي اتخذتها السعودية في حق لبنان – الدولة، بلغت سقفها الاعلى وأن تتوقف عند هذا الحد، ذلك أن أي ضغط اضافي سيعكس وفق الاوساط، قرارا سعوديا أخطر، لا يكتفي بتضييق الخناق على «حزب الله» بل يذهب نحو تخلي الرياض نهائيا عن لبنان وسحب المظلة التي كانت تبسطها فوقه، وبالتالي تسليمه الى ايران، معتبرة أن المواجهة المفتوحة التي أعلنتها المملكة مع «حزب الله» محكومة، اولا، بادراكها أن التشدد مع الدولة اللبنانية طاولت شظاياه حلفاءها في لبنان قبل سواهم وأحرج موقفهم، وثانيا، بالمواجهة الاقليمية وسقوفها، من سوريا الى اليمن والعراق، مؤكدة أن أي تسوية ستتطلب في نهاية المطاف حوارا سعوديا – ايرانيا، تسعى الكويت للعب دور عرابه من خلال اتصالاتها لترتيب لقاء يضم وزيري خارجية السعودية وايران عادل الجبير ومحمد جواد ظريف على هامش القمة الاسلامية في جاكرتا، التي ستتطرق الى قضية «حزب الله» ضمن صيغة منطقية تخفف من وهج التصعيد ضد الحزب،معولة في تحركها على نتائج الانتخابات الايرانية التي اعتبرتها مشجعة لجهة تقدّم نهج الاصلاحيين.
مسعى يتزامن مع تحرك روسي نابع من الاتفاق مع الولايات المتحدة الاميركية على ضرورة نجاح وقف الاعمال القتالية في سوريا، بداية على ان يلحقها اليمن في مرحلة لاحقة، والذي يفترض نجاحه «تبريد» الجبهة الايرانية – السعودية، رغم ما ابلغته الرياض للمعنيين عن حشود آلية وبشرية ايرانية على الحدود العراقية مع المملكة تحت غطاء الحشد الشعبي.