Site icon IMLebanon

مشكلة بائع أحلام يشتريها من الكبار

الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا في ورطة شخصية داخل مأزق سياسي – عسكري سوري واقليمي ودولي. دمشق ترفض منذ أشهر استقباله ردا على تصريح له رأت فيه تجاوزا لحدود دوره كوسيط وانعكاسا للموقف الأميركي. والهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل المعارضة في اجتماعات جنيف مصدومة بدعوته لها الى الواقعية. إذ تصفه بأنه يتكلم كجنرال روسي لا كوسيط دولي وتطالب الأمين العام للأمم المتحدة بانهاء مهمته. لا بل ان منسق الهيئة رياض حجاب يذهب الى أبعد بالقول ان وساطة الأمم المتحدة فشلت، والثورة مستمرة.

لكن دي ميستورا كان يحاول القراءة في التطورات العسكرية على الأرض ويتصور انها فرصة لانقاذ مهمته والبحث الجدّي في التسوية السياسية. فما رآه هو ان الحرب انتهت تقريبا بالتركيز على محاربة داعش. وهذا صدى لقول وزير الدفاع الروسي الجنرال سيرغي شويغو ان الحرب الأهلية انتهت بالتمييز بين المعارضين المعتدلين والارهابيين وصارت الحرب على داعش في مراحلها الأخيرة. وما فعله هو تقديم تصوراته بصيغة أسئلة: هل ستكون الحكومة جاهزة ومستعدة للتفاوض بصدق وليس لاعلان النصر؟. هل ستكون المعارضة قادرة على ان تصبح موحّدة وواقعية بالقدر الكافي لادراك انها لم تفز بالحرب؟. ولم ينتظر الجواب ليقول: لا أعتقد ان أي طرف بامكانه حاليا اعلان الانتصار في الحرب، ثم للتذكير بأنه لا نصر تتوافر له مقومات الاستقرار من دون العملية السياسية.

ومن طبائع الأمور ان يمارس الوسيط الدولي دور بائع الأحلام. لكن من دروس الوقائع ان يشتري الأحلام التي يبيعها: مرة من أميركا، ومرة من أميركا وروسيا، وحاليا من روسيا. فهو يراهن، على موسكو وطهران ل اقناع دمشق بالاستعداد لتفاوض حقيقي ومباشر. كما يراهن على روسيا وأميركا والسعودية وتركيا للضغط على المعارضين من أجل استيعاب الحقائق على الأرض. والاتفاق على وفد موحّد يتوصل الى مقاربات أكثر شمولية وبراغماتية للانخراط في محادثات سلام حقيقية وجوهرية.

وهذه مجرد أمنيات. فمن يدير اللعبة يعطي الأمم المتحدة دورا شكليا على المسرح. ودي ميستورا يعرف أكثر من سواه ان كل جولات جنيف لم تكن مفاوضات جدية. ولا أحد يعرف كيف ستدور مفاوضات مباشرة وجدية للتوصل الى تسوية سياسية بين نظام يصف رئيسه المعارضين بأنهم حثالة بلا وزن وأدوات تستخدم لمرة واحدة. وبين معارضين يصفون الرئيس بأنه مجرم حرب لا مكان له في مستقبل سوريا ويطلبون محاكمته وإسقاط النظام.

لكن اللعبة تجاوزت ثنائي نظام – معارضة.