توقّعت مصادر سياسيّة مُطلعة أنّ تشهد جلسة مجلس الوزراء التي ستُعقد في السراي الحُكومي غدًا الأربعاء، والتي ستبحث في جدول أعمال من 60 بندًا، نقاشات حامية بشأن موضوع التعيينات الإداريّة المُرتقبة، بسبب خلافات على الآليّة الواجب إتباعها بموازاة الخلافات على الأسماء المُقترحة للتعيين بطبيعة الحال. وفي هذا السياق، لفتت المصادر نفسها إلى أنّ وزير الخارجية جبران باسيل مُصرّ على تعزيز سُلطات الوزراء المعنيّين بالتعيينات الإدارية المُرتقبة، باعتبارهم الأدرى بحاجات وزاراتهم والأقرب إلى تفاصيل عملها، وهم بالتالي الأكثر تأهيلاً لاختيار الأسماء المناسبة للمناصب الواجب حسم الخيارات فيها. ويدعمه في هذا الخيار «تيّار المُستقبل»، بشكل دفع الرافضين لهذا الأمر إلى الحديث عن مصلحة مُشتركة بين «التيار الوطني» من جهة و»المُستقبل» من جهة أخرى، تقضي بتقاسم مجموعة واسعة من المراكز الإداريّة، علمًا أنّ كل طرف منهما يتمسّك ببعض المراكز المُحدّدة، ويطرح أسماء جاهزة سلفًا لإدارتها. ويرمي كل من تياريّ «الوطني الحُرّ» و»المُستقبل» إلى إلغاء آلية التعيينات التي كانت مُتبعة في السابق، والتي كان مجلس الوزراء قد أقرّها في العام 2011، والتي كانت تحصر التعيينات الإدارية من الفئة الأولى بمجلس الخدمة المدنيّة بموجب مباراة محصورة بمرشّحين يتمتّعون بمؤهلات مُحدّدة، على أن يرفع الوزير المختصّ ثلاثة أسماء من بين المؤهلين الناجحين ليبت مجلس الوزراء فيها وليختار واحدًا منها.
ولفتت المصادر السياسيّة المُطلعة نفسها إلى أنّ حزب «القوات اللبنانيّة» يُعارض نيّة تيّاري «الوطني الحُرّ» و»المُستقبل» بشكل كامل، ويُطالب باعتماد آليّات دُستوريّة واضحة لملء المراكز الشاغرة، والأهم بتطبيق معايير واحدة على كل المُرشّحين، لأنّه من غير المَنطقي ? بحسب رأي «القوّات» أن يقوم الوزراء المَعنيّون باختيار أسماء وفق أهوائهم الشخصيّة قبل فرضها على مجلس الوزراء من دون أي مجال للإعتراض، وكأنّ في الأمر صفقات ومحسوبيات لا تعكس على الإطلاق الصورة المُضيئة التي تطمح الحكومة لعكسها. وتوقّعت المصادر نفسها أنّ تلعب «القوّات» في الجلسة الوزاريّة المُقبلة دور «رأس حربة» بوجه مُحاولات تجاوز الآليات الدُستورية المعهودة في مسألة التعيينات لجهة المرور بمجلس الخدمة المدنيّة ووزارة الشؤون الإدارية على أن يختار مجلس الوزراء مُجتمعًا، الأنسب من بين المرُشّحين المُؤهلين. وأوضحت أنّ السبب هو رفض «القوات» تكرار «سيناريو» الدفعة الماضية من التعيينات المهمّة والتي حصلت تحديدًا في جلسة الثامن من آذار الماضي، والتي شملت في حينه تعيينات أمنيّة وقضائيّة رفيعة إضافة إلى تعيينات في الجمارك، جاءت بشكل تقاسم لمناصب رفيعة بين «التيار الوطني الحُرّ» وبعض القوى السياسيّة الأخرى، في مُقابل عجز العديد من القوى السياسيّة المُشاركة في الحكومة، وفي طليعتها «القوات»، الوقوف بوجه هذه التعيينات أو حتى نيل الجزء اليسير من ضمنها.
وشدّدت المصادر على أنّ «القوّات» عازمة هذه المرّة على الوقوف بوجه أي محاولة لإسقاط أسماء بالمظلات، حتى لو أدّى هذا الأمر إلى خلاف إضافي مع «التيار الوطني الحُرّ»، لأنّ المسألة ليست مسألة تحالفات سياسيّة على الإطلاق، بل إدارية وتنظيميّة بحت، والدليل أنّ «حزب الله» يميل بدوره إلى المنطق الذي يقول إنّ على التعيينات الإداريّة المُرتقبة أن تتم وفق آليّة واضحة، وليس وفق إختيار الوزير المعني دون المرور بآي آليّات دُستورية ودون الإستماع إلى رأي مجلس الوزراء ككل، وهذا ما يوافقه الرأي عليه «تيّار المردة». ورأت المصادر أنّ هذا التوجّه، سيضع كلاً من «التيار الوطني الحُرّ» و«المُستقبل» بوجه «القوات» و«حزب الله» و»المردة» خلال النقاشات المُتوقّعة على طاولة مجلس الوزراء غدًا. وأضافت المصادر نفسها أنّ «القوّات» مُستاءة من عرقلة الآليّة الدستوريّة الشفافة التي إتبعها وزير الإعلام ملحم رياشي لاختيار رئيس جديد لمجلس إدارة تلفزيون لبنان، والتي لقيت إستحسان شرائح واسعة من اللبنانيّين الذين تأملوا خيرًا بإمكان الوصول يوما ما إلى مراكز رسميّة رفيعة من دون الإستزلام لأحد الفاعليات السياسيّة، قبل أن يوقفها «التيّار الوطني الحرّ» بحجّة أنّ العُرف القائم في لبنان يقضي بأن يختار رئيس الجمهورية رئيس مجلس إدارة التلفزيون.
وبالنسبة إلى «حزب الله» تابعت المصادر، فإنّ هدفه هو التوصّل إلى صيغة واضحة ومُوحّدة لمسألة التعيينات، أكان لجهة الإستمرار في إعتماد آليّات دستوريّة سابقة، أم التوصّل إلى آليّات جديدة، حيث أنّ المُهم هو عدم جعل التعيينات مُرتبطة بآليّة مُعقّدة ولا بمزاجيّة وزير، بل أن تكون واضحة ومعروضة بشفافيّة على طاولة مجلس الوزراء للبت فيها من دون عراقيل. وأشارت إلى أنّ حركة «أمل» تميل من جهتها إلى دعم الخيارات الدُستورية في التعيين، خاصة وأنّ وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية عناية عز الدين تعمل لتطوير آلية التعيينات الإدارية.
وختمت المصادر السياسيّة المُطلعة كلامها، بأنّ خلافًا جديدًا يُطلّ برأسه بين «التيار الوطني الحُرّ» و«القوات اللبنانيّة» محوره آليّة التعيينات الإداريّة، علمًا أنّ خلفيّاته أبعد من تقاسم الحُصّص وتبادل الرسائل الضاغطة، ويطال «ثنائية مَوعودة في الحُكم»، سُرعان ما تبخّرت الوعود بشأنها ما أن أمسك «التيار الوطني» بمفاصل السُلطة.