IMLebanon

نقلة نوعية في صراع المحاور

ليس جديدا أن يتولى حزب الله خصخصة الدفاع عن لبنان ضد أي اعتداء اسرائيلي. ولا بالطبع أن يضع مشاركته في حرب سوريا الى جانب النظام في باب الحرب الوقائية لحماية لبنان من الارهاب والحؤول دون تدفق الارهابيين التكفيريين عليه عبر الحدود. الجديد هو ان خصخصة الدفاع عن لبنان صارت مهمة اقليمية، ولكن شعبية. وهذا ما حمله للمرة الأولى خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في يوم القدس العالمي. إذ أعلن ان أي حرب يشنّها العدو الاسرائيلي على لبنان أو على سوريا ستدفع عشرات أو مئات الآلاف من المجاهدين للمشاركة في المعركة، من العراق واليمن وايران وافغانستان والباكستان.

ومن الطبيعي أن تكون الرسالة الأولى موجهة الى العدو لتحذيره من انه سيدفع ثمنا باهظا لأية مغامرة عسكرية. لكن أكثر من طرف قرأ في الخطاب رسائل أخرى موجهة الى عناوين عدة. واذا كان المجاهدون المستعدون للمشاركة في الدفاع عن لبنان ضد اسرائيل هم من نوعية الذين جاؤوا الى سوريا للقتال دفاعا عن النظام، فان من الصعب تجاهل الطابع المذهبي لصراع جيوسياسي كبير. واذا كنّا نعاني من انحسار الطابع القومي للصراع العربي – الاسرائيلي واختصاره بالنزاع الفلسطيني – الاسرائيلي، فان اعطاء قضية فلسطين طابع الصراع الديني هو وصفة لحرب بلا نهاية، حيث لا حلول على الأرض للصراع على السماء.

ذلك ان المسألة تتجاوز الوسائل الى كونها نقلة جديدة ونوعية على رقعة الشطرنج في صراع المحاور الاقليمية. وليس أمام الذين يعطون الأولوية للحفاظ على الاستقرار السياسي الهش، سواء كانوا بين من ناقشوا كلام السيد نصرالله أو بين الصامتين، سوى التمعن في الكلام الاستراتيجي خارج الرهانات على أمنيات رومنطيقية. من تلك الأمنيات سؤال كثيرين بين حين وآخر: متى يسحب حزب الله مقاتليه من سوريا؟ ومنها أيضا الرهان على طاولة الحوار في ساحة النجمة ثم في القصر الجمهوري خلال سنوات للاتفاق على استراتيجية دفاعية تجد حلا لسلاح حزب الله أقله لجهة الإمرة. ومنها أيضا وأيضا تحييد لبنان الى الحد الممكن عن صراعات المحاور الاقليمية.

والواضح، حتى اشعار آخر، هو العكس. فلا أحد يعرف ان كان حزب الله سيعود من سوريا ومتى. لكن الكل يدرك حاليا ان لبنان مرشح لحسابات الوضع السوري، المرشح للتناغم مع الوضع العراقي، حيث الجغرافيا مفتوحة لتقدم المشروع الايراني، كما لاصطدامه بمشاريع أو بخطط اقليمية ودولية مضادة. وبكلام آخر، فان طهران تمدّ أذرعها الى أبعد ما تستطيع، وسط حديث أميركا عن قطع الأذرع الايرانية.