يؤشر تكثيف جلسات الحكومة لمناقشة مشروع الموازنة، بعد فك إضراب المصالح المستقلة والهيئات النقابية، وعودة مصرف لبنان للعمل، إلى أن هناك توجهاً لإقرارها قبل نهاية الأسبوع، ومن ثم إحالتها إلى مجلس النواب الذي سيحاول دراستها والتصديق عليها آخر الجاري، على ما تمناه رئيس الجمهورية ميشال عون، وهو الأمر الذي جرى التطرق إليه في اللقاء المسائي الذي عقد الأثنين الماضي، في القصر الجمهوري، وجمع إلى عون الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري، حيث كشفت المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، أنه كان توافق على خطورة التحديات الاقتصادية التي تواجه لبنان، وبالتالي ضرورة اتخاذ الإجراءات الاقتصادية الكفيلة بإخراج البلد من أزمته، بالتوازي مع عدم تحميل الطبقات الفقيرة والعمال أعباء إضافية، نظراً للظروف الصعبة التي يواجهون، لكن في المقابل كان هناك توافق على أن استمرار الإضرابات سيؤثر سلباً على عمل مرافق الدولة، ولا بد تالياً من السعي لوقف هذه الإضرابات التي شلت المؤسسات وتركت انعكاسات خطرة على عمل الناس لا يستهان بها .
وكشفت المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، أن اجتماع بعبدا كان ضرورياً بعدما استشعر المسؤولون خطورة واضحة في مسار الاحتجاجات العمالية والنقابية، وهو ما دفع وزير المالية على حسن خليل إلى التحذير من أن ما يجري «بروباغندا» مشبوهة، خاصة وأنه ترافق مع موجة شائعات على طول مساحة البلد، تبين أن لا أساس لها من الصحة، بعدما أكد الرئيس الحريري أن الموازنة لن تستهدف الفقراء وأن إستقلالية مصرف لبنان ستبقى مصانة، وأن البلد بعيد من الإفلاس، لكن في المقابل لا بد من الإصلاحات لإنقاذ الوضع الاقتصادي الذي يعاني صعوبات كبيرة، تستوجب معالجات استثنائية جرئية بإمكانها وضع الإصبع على الجرح، ومن شأنها الاستجابة لمتطلبات مؤتمر «سيدر» الذي طالب الدولة باتخاذ خطوات تحسن الأداء الاقتصادي وتعيد توازنه، بعدما بلغت الأمور مستويات لا يمكن التساهل حيالها .
وأشارت المعلومات، نقلاً عن أوساط وزارية، إلى أن الجلسات الحكومية المقبلة ستكون حاسمة على صعيد مناقشة باقي بنود مشروع الموازنة، وتحديداً في ما يتصل بموازنات الوزارات، في ظل استمرار وجود تباينات بين المكونات الوزارية حول هذا الموضوع، إضافة إلى أن طبيعة الخطوات العلاجية لا زالت هي الأخرى موضع مناقشات ستأخذ بعض الوقت لحسمها، إنما ذلك لا يمنع من القول أن هناك إجماعاً من جانب أعضاء الحكومة على أن الوضع الاقتصادي قارب الخطوط الحمر، وعلى الجميع تحمل المسؤولية وتوفير التغطية السياسية للخطوات التي تنوي الحكومة اتخاذها، بعدما أبلغ لبنان أن الخيارات أمامه باتت ضيقة، ما يترتب عليه القيام بخطوات نوعية تحمي اقتصاده من الانهيار إذا بقي الوضع على ما هو عليه من التراجع الذي بلغ مستويات مقلقة .
وكشفت أن موازنة الـ»2019» ستكون مختلفة عن الموازنات السابقة، لناحية حرص الجميع على أن تكون رشيقة بنسبة عالية،بما تتضمنه من تعزيز للواردات وتخفيف قدر المستطاع للنفقات، في ضوء التوجه لتخفيض رواتب السلطات العامة، على ما أشار إليه وزير الإعلام جمال الجراح بعد انتهاء جلسة الحكومة، أمس، لكن يبدو أن هذا الموضوع سيستحوذ على نقاش معمق في الجلسات المقبلة، باعتبار أنه يخضع للنقاش وليس هناك توافق كامل بشأنه، مشيرة إلى أن ما يتم تداوله في وسائل الإعلام مغاير للواقع، وفيه الكثير من المغالطات التي شوهت الحقائق ودفعت الرأي العام إلى تصديق الشائعات التي تروج، دون أن يكون لها أي أساس من الصحة .
وإذا كان الرئيسان عون والحريري، قد أكدا أن اليد لن تمد إلى جيوب الطبقات الفقيرة المتوسطة، فإنه وفي الإطار عينه سيكون للمجلس النيابي عند مناقشته الموازنة، الدور المطلوب منه لناحية إدخال التعديلات اللازمة على مشروعها المحال من الحكومة، كما تقول مصادر نيابية لـ«اللواء»، بما يحمي ذوي الدخل المحدود من أي أعباء مالية لا قدرة لهم على تحملها، لكن بالتأكيد سيصار إلى البحث عن موارد جديدة لتحسين وضع المالية العامة، واللجوء إلى خيارات لم تعتمد من قبل، زيادة في التقشف وتوفيراً للنفقات بشكل أكبر .