مسعى جديد، وربما أخير، يبذله بعض الأطراف قبل الساعة صفر للتمديد، بات في متناوَل غرف التفاوض المغلقة، وبين يدَي رئيس مجلس النواب نبيه بري وبعلم قوى سياسية مشارِكة في الحكومة ودفعها.
هذا المسعى ينطلق من مفهوم الحلّ الشامل والدائم، المرتكز على استكمال تطبيق «إتفاق الطائف»، بما لم يُطبَق منه، أي الاتفاق على كل شيء، لمرة واحدة ودائمة.
وفي المعلومات أنّ هذا المسعى يرتكز على الآتي:
اولاً: الاتفاق على قانون نهائي للانتخاب، يؤمّن التمثيل بالنسب المقبولة والمطمئنة لجميع الطوائف، على أن لا يتم إلغاء المناصفة في مجلس النواب، بل الإبقاء عليها، لكن من ضمن قانون يراعي التمثيل، وهي أفكار تضمّنتها مبادرة الرئيس سعد الحريري (منذ سنوات) التي حدّد فيها رؤيةً للخروج من أزمات التعطيل الرئاسي والنيابي.
ثانياً: فُهم من طرح القانون أنه يرتكز على النسبية الكاملة، وفق صيغة ترضي الثنائي «العوني»ـ «القواتي» أي نسبية الـ15 دائرة، التي سبق أن اتُفق عليها في بكركي، والتي يؤيّدها حزب الكتائب. ويمكن القول إنّ هذه الصيغة وُضعت على طاولة التفاوض، لكن ليس بمعزل عن الاتفاق الكامل على تطبيق الطائف والأبرز منه إنشاء مجلس الشيوخ، وتحديد رئاسته وهيكليته ومهماته وصلاحياته.
ثالثاً: يقوم مسعى السلة المتكاملة، على البحث في إنشاء مجلس الشيوخ بنحوٍ متزامن مع الموافقة على قانون النسبية، وهذا المجلس يُفترض أن يُنتخب وفق الطريقة الأرثوذكسية، أي بالانتخاب المباشر من الطوائف والمذاهب، لكي يكون هو مجلس ضمانات الهواجس المتفلّتة، وحارس الثوابت الكيانية، ومطمئن الخائفين، ولن يكون اتفاق على قانون الانتخاب إلّا بعد الاتفاق على إنشاء مجلس الشيوخ، وتحديد رئاسته، بعد التوافق مع الطائفة الدرزية، على تبادل أو تفاهم ضمن هرميات السلطة.
حتى الآن الاتصالات مستمرة، لمعرفة نسبة حظوظ هذا المسعى، علماً أنّ مَن يقومون به، يدركون أنّ محاولة تطبيق ما تبقى من «اتفاق الطائف» غير متيسّرة في مهلة عشرين يوماً، كذلك يدركون أنّ كل التراكم السلبي الذي نتج من تعثّر الاتفاق على قانون الانتخاب، لن يُحَل بكبسة زر، لكن على رغم من ذلك يعتقدون أن لا بأس من المحاولة.
ومن البديهي القول إنّ المسعى الجديد والجدي، الذي قفز به أصحابه فوق صيَغ وزير الخارجية جبران باسيل، واضعين النسبية الكاملة بدوائرها الـ 15 على الطاولة، من ضمن «زواج ماروني» مع إنشاء مجلس الشيوخ، سيكون أمام تحدي اختبار «فيلتر» حزب الله الذي علقت فيه صيَغ باسيل المتتالية، وهنا يبرز دور رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يعدّ مبادرته، وهي مبادرة يمكن أن تأخذ محتوى هذا المسعى مع إضافات غير معروفة.
ويرى هؤلاء أنّ هذا المسعى سيكون الاختبار الحقيقي لحزب الله، فإذا كان جاداً في السعي لانتخابات نيابية، وللخروج من مأزق وطنيٍّ آتٍ حتماً، فسيتّجه الى القبول بهذه الأفكار والعمل لترجمتها اتفاقاً، وإذا لم يفعل، فهو سيكون كمَن وقع على كشف نيّات، يبدأ من رغبة دفينة لديه بالتمديد للمجلس النيابي الحالي، ولا ينتهي برغبة أخرى للوصول إلى الفراغ، الذي يعني القضاء على دستور «الطائف» وإعادة البحث في توازنات النظام، وتحضير طاولة قصر بعبدا لاستضافة أوّل مؤتمر تأسيسي، بعد 27 عاماً من عمر «اتفاق الطائف»، حيث لن يُستبعد على هذه الطاولة أيّ طرح، من المثالثة الى توزيع المواقع بين الطوائف داخل هرمية الدولة.
وفي الانتظار فإنّ الأيام القليلة ستعطي الجواب، إذ لم يتبقّ من مهلة 15 أيار إلّا القليل، في ظلّ شلل في السلطة التنفيذية تَمثل في تغييب جلسات مجلس الوزراء، وفي ضياع كلّ الآمال التي وُضعت في التسوية الرئاسية.