IMLebanon

سباق بين الإنهيار والتفاهم مع صندوق النقد

 

 

توحي الأجواء بوجود سباق محموم ما بين الإنهيار الكامل والإنقاذ، من خلال إطلاق ورشة عمل حكومية تبدأ بملف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، انطلاقاً من خطة تهدف إلى الإصلاح في كل المجالات، وفق ما تؤكده مصادر نيابية مواكبة لحركة الإجتماعات الجارية مع ممثلين من صندوق النقد الدولي منذ أن تشكّلت الحكومة الحالية، وعلى الرغم من مناخ التصعيد السياسي الذي أثّر بشكل مباشر على انطلاقة العمل الحكومي، والخطة التي يجري إعدادها من قبل الوزراء المختصّين ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، فإن مسار المفاوضات لم يتوقّف في ظل قرار لدى كافة المعنيين بالملفين المالي والإقتصادي لمواصلة التباحث مع صندوق النقد، من أجل الإفادة من برامج تؤدي إلى حصول الحكومة على دعم وقروض تمكّنها من إطلاق الإصلاحات الضرورية في أكثر من مجال في المرحلة الراهنة، وليس الإنتظار إلى ما بعد الإنتخابات النيابية في المرحلة المقبلة.

 

وتؤكد المصادر المواكبة نفسها، أن الوضع الذي وصل إليه الواقع المالي، لا سيما بعد إنجاز مرحلة رفع الدعم وظهور تردّداتها بشكل واضح، فإن أي شرط أو إصلاحات قد يفرضها صندوق النقد على اللبنانيين، قد تكون أقلّ حدّة وسلبية من الوضع الحالي، خصوصاً في ضوء ما حصل أخيراً على صعيد إزالة الدعم بالكامل عن المحروقات، وما سيتبعها من تردّدات تطال كل المجالات الإقتصادية. وبالتالي، فإن ما من مفاجآت مرتقبة على هذا الصعيد، مع العلم أن شروط صندوق النقد، كما كل الهيئات المانحة والمؤسّسات الدولية، واضحة وهي تبدأ بتحرير سعر الصرف وتطبيق الـ»كابيتال كونترول»، ووضع حدّ للهدر الحاصل في مجال الدعم الذي أصبح اليوم محصوراً بقطاعات محدّدة.

 

وعليه، فإن الحصول على أي تمويل، تابعت المصادر نفسها، قد يكون صعباً في الوقت الراهن، إلا إذا نجحت حكومة ميقاتي في استعادة الثقة بدورها وبالقدرة على تنفيذ معالجات جذرية، خصوصاً في مجال الطاقة. واعتبرت أن استمرار تجميد اجتماعات الحكومة، لا بد وأن يؤثّر سلباً على مسار العمل الحكومي، وبالتالي، على مسار المباحثات التمهيدية الجارية ما بين صندوق النقد والفريق المتخصّص التابع لرئيس الحكومة، مع العلم، أن نشاط هذا الفريق مستمرّ على وتيرته السابقة، ويركّز في أولوياته على معالجة الأزمات المستجدّة، وبشكل خاص في قطاع المحروقات، ريثما يعود العمل الحكومي إلى الإنتظام، ويبدأ البحث داخل مجلس الوزراء بالخطّة المطلوبة من أجل الوصول إلى حوار مباشر مع صندوق النقد في مراحل لاحقة.

 

ومن أجل الوصول إلى الهدف الذي أعلنته الحكومة، والذي يتمحور حول التعافي الإقتصادي، اعتبرت المصادر نفسها، أن أي خطة يجري العمل عليها، تأخذ في الإعتبار ضرورة ترتيب العناوين الإقتصادية، والتوافق على أرقام موحّدة بالنسبة للوضع المالي والخسائر المطلوب معالجتها، مع العلم أن هذا الأمر يبدأ من خلال الإجراءات المتعلقة بتحرير سعر صرف الدولار، وهو ما دعا إليه التقرير الأول الصادر عن صندوق النقد بالنسبة لأي اتفاق أو برنامج سوف يتم تطبيقه لكي يوافق الصندوق على تقديم التمويل الضروري للبنان. ولذلك، فإن النقاش الحالي، لا يزال يدور حول إعداد ورقة التفاوض المقبلة، والتي تنوي الحكومة الإعلان عنها، كونها ستشكّل ركيزة البرنامج النهائي مع صندوق النقد الدولي، وإن كانت هذه الخطوة ستبقى مرهونة لجهة السرعة التي ستسير فيها، بتوافق كل الأطراف السياسية والحكومية والنيابية والمالية، لكي تتأمّن كل ظروف النجاح في المحادثات المقبلة، والتي ستؤدي إلى إنجاز تفاهم بين صندوق النقد والدولة اللبنانية.