برنامج الحوثيين بمراقبة البحر الاحمر والتعرض للسفن البريطانية والاميركية والاسرائيلية استدرج ردود فعل لا بد وان تتعاظم في وسائلها ومن ثم تؤدي الى فقدان لمدنيين قدراتهم على التصدي بحرًا وجواً- عن طريق استعمال الصواريخ والمسيرات – والنتيجة ستؤدي الى اضرار واسعة ومخيفة في اليمن.
بلاد اليمن كانت اوائل الثلاثينات تحت وصاية المملكة العربية السعودية التي كان الملك عبد العزيز قد ضمها الى المملكة بدءًا من عام 1926 وانتصاره على الهاشميين الذين كانوا متمسكين بقضايا الاحكام قبل ذلك التاريخ، والاعلان عن استقلال المملكة كان في شهر شباط من عام 1932.
الملك عبد العزيز بإدراكه العميق كلف اثنين من ابنائه ممن تولجوا الحكم بعده بمباحثة اهل اليمن باستقلال اراضي اليمن بحماية ورعاية المملكة وقد تحققت هذه الاتفاقية بأبعادها المختلفة عام 1934. واستمر اليمنيون في العمل في المملكة لثلاثين سنة انتهت باحتلال اليمن من قبل 30 الف جندي مصري ارسلهم جمال عبد الناصر لتحدي العلاقات السعودية مسلحين ب200 طائرة حربية.
عام 1967 قرر عبد الناصر بالتعاون مع الرئيس حافظ الاسد شن حرب على اسرائيل وقد استغرقت الحرب 5 ايام نتج عنها تدمير سلاح الجو المصري واحتلال الجولان من قبل الاسرائيليين، وزعزعة الحكم في مصر وكانت اذاعة صوت العرب تبث يوميًا اخبار بطولات الجيش المصري وتندد بالملك فيصل بن عبد العزيز وبعد ظهور نتائج فشل الحرب التي اطلقها بالفعل جمال عبد الناصر فقدت القيادة المصرية دورها وقرر عبد الناصر انسحاب قواته من اليمن وتمنى في مؤتمر عقد في الخرطوم في ايلول 1967 مسامحة الملك فيصل الذي كان تولج الملك منذ 4 سنوات ومساعدته لمصر عبد الناصر باعادة تجهيز الجيش المصري بالمعدات.
لقد اقدم الملك فيصل بن عبد العزيز على مساعدة مصر، وكان عبد الناصر قد توفي آخر شهر ايلول من عام 1970 بنوبة قلبية، وعملية اعادة تسليح الجيش المصري مولها كل من الملك فيصل ورئيس الجزائر بومدين وذلك بالتعاون مع السادات الذي اتبع سياسات متقاربة مع الملك فيصل وبومدين ومن ثم اندلعت حرب 6 اكتوبر 1973 واحرز الجيش المصري تحرير قناة السويس التي كانت مغلقة منذ 1956 والجيش
السوري احتل الجولان، وكنت في ذلك الحين في زيارة للولايات المتحدة وشاهدت الاسرى الاسرائيليين تحت البنادق السورية على التلفزيونات الاميركية.
عام 1967 كانت غولدا مائير رئيسية الحكومة الاسرائيلية طلبت من السلطات الاميركية تعويض السلاح الذي فقدته والتهديد باستعمال الاسلحة النووية، وبالتالي ونتيجة الاستجابة الحماسية لطلبات غولدا مائير والتي شجع هنري كيسنجر على تحقيقها انسحب السوريون من الجولان واعيد فتح قناة السويس لمرور السفن التجارية واختصار مساحات النقل من البضائع التي كانت تصدر بصورة خاصة من اليابان الى منطقة الشرق الاوسط، وكانت اليابان قد حققت خطوات مهمة في مجالات الصناعات البتروكيماوية والهواتف والسيارات الخ.
عقد العشرينات شهد تطور الصين في مجالات التصنيع والتجارة، خاصة في مجالات الهواتف الذكية والسيارات والبتروكيماويات وكانت اليابان آنذاك في حماية القوات الاميركية التي حازت ولا تزال على مواقع ثكنات عسكرية. وخلال عقد التسعينات كانت الصين قد تجاوزت في حجم انتاجها وصادراتها اليابان، وعلى صعيد الصادرات كانت الصين قد احتلت في حجم صادراتها موقع المانيا التي حققت انجازات في مجالات التصنيع للسيارات والشاحنات وانتاج الادوية وتحقيق معدل وسطي لانتاج العمال الالمان تجاوز ما حققته البلدان الاوروبية الاخرى والتي كانت انتسبت الى مؤسسات لبلدان تصنيع الفحم والصلب غير القابل للاهتراء.
السعودية التزمت تحقيق نمو متكامل على صعيد التجهيزات الاساسية وتبنت برنامج على مدى 15 عامًا من عام 2016 وحتى 2030 وبرنامجها هذا وطد علاقاتها مع البلدان الصناعية وبصورة خاصة مع الصين التي كانت صادراتها قد تجاوزت صادرات المانيا والولايات المتحدة منذ سنوات وقد اصبحت الصين على قياس حجم الانتاج، وقياسًا على مستويات الاسعار اكثر انتاجًا من الولايات المتحدة، والسعودية انجزت على الطرف الغربي للمملكة مباشرة فوق الحدود اليمينية منطقة صناعية ضخمة ومتنوعة وسائل الانتاج وبلغت نفقات اعداد هذه المنطقة ال10 مليارات دولار وقد اسهمت في نصف الاكلاف الصين.
بدورها السعودية حققت خطوات تجهيزية مهمة في اطلاق عملية تطوير منطقة تعتبر بتجهيزاتها فريدة قياسًا على مشاريع البنية التحتية سواء على مستوى توافر
الكهرباء، والطرقات السريعة، والموقع الجغرافي الذي لا يبعد اكثر من 6 ساعات طيران عن مناطق التطور الصناعي والالكتروني الذي تحقق عالميًا خلال هذه الفترة، ويتكامل مشروع منطقة «نيوم» الذي يمتد من العقبة في الاردن، الى شرق مصر منتجعات البحر الاحمر، ومساحة مشروع «نيوم» تبلغ 26 الف كيلومتر مربع، اي ما يوازي 2.5 اضعاف مساحة لبنان واكتمال تجهيز هذه المنطقة يتكامل مع تسهيلات تسجيل الشركات ومنح الاقامة لموظفي الشركات الكبرى والحصول على المنتجات التجهيزية ومواد التصنيع الاساسية وبالتالي تطور مشروع منطقة «نيوم» يرتهن الى حد بعيد بسيادة السلام في المنطقة واستمرار اعمال تجهيزها وتوسيع المعارف بمزايا العمل في هذه المنطقة سواء في مجلات التصنيع، الابداع في البرامج الالكترونية، الطرقات السريعة والتجهيزات المستقبلية.
البلد الاكثر تضررًا من برامج الحوثيين لاعتراض النقل البحري، والتعرض للسفن المسجلة في الولايات المتحدة، بريطانيا واسرائيل، لكن الضرر اللاحق بمصر هو الاقسى لان استعمال قناة السويس التي تربط البحر الابيض المتوسط تسهم في تخفيض فترة النقل للبضائع والمنتجات من اليابان، والهند والصين الى اسواق الشرق الاوسط، وعائدات استعمال حق المرور في قناة السويس تؤمن دخلاً لمصر يتجاوز ال10 مليارات دولار سنويًا، ومن المعلوم ان مصر تعاني من شح في توافر النقد الاجنبي وتحتاج لتنفيذ مشاريع تجهيزية كبرى لاستيعاب حاجت جيل الشباب المصري سواء في تامين الاعمال المجدية وزيادة التصدير، وتعزيز العلم خاصة على المستويات الجامعية.
يضاف الى الاضرار التي تلحق بالاقتصاد المصري تأخير مشاريع لانجاز مرافئ على الشواطئ الشرقية للحبشة والتي وضعت مشاريع تنفيذها ويمكن القول ان العالم المتاجر بين اقسامه سيواجه ارتفاعًا في اكلاف الانتاج الذي يستوجب استيراد معدات تجهيزية وتطويرية لوضع كافة البرامج الاساسية لتامين التواصل بين بلدان الانتاج والتصنيع المستحدث في عالمنا اليوم.
عالمنا اليوم يشكو من توسع استشعار اضرار تقلص الاعمال ومستويات الانتاج والخوف المتوسع في استمرار استعمال الدولار كالعملة الاساسية لاموال الاحتياط في البلدان الكبرى.
معلوم ان وضع الدولار كالعملة الرئيسية للتجارة العالمية غير مستقر وقد اشارات الى ذلك وزيرة المال الاميركية والتي كانت سابقًا رئيسة النظام المالي العالمي ورئيسة الاحتياطي الفدرالي، ويضاف الى رأيها وتنبيهاتها، اي السيدة لاغارد، رئيسة البنك المركزي الاوروبي والتي يبلغ اعضائه 26 دولة.
استمرار الحرب في اوكرانيا بدأت تضغط على قدرات البلدان الاوروبية لتوفير المساعدات لاوكرانيا، كما بدأ يؤثر على مجرى انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة وربما يصح ان نذكر هنا امكانية انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة بعد عام وهو ان ترأس بلده سوف لا يتوانى عن ضبط المساعدات لاوكرانيا والتحسب لابتعاد الدول الاساسية المنتجة عن عملة الدولار وكلا الامرين له نتائج عالمية مقلقة.
هنالك اربعة بلدان رئيسية لها مصالح حيوية في استمرار الملاحة في البحر الاحمر دون عوائق او تعديات، وهي مصر، المملكة العربية السعودية، الاردن …وهنالك بلدان اساسية لديها مصالح اقتصادية حيوية مثل الصين وتوظيفاتها مع السعودية في انجاز مركز تصنيعي هام شمال الحدود اليمنية في السعودية والتحسب حول انجاز مشروع «نيوم» الذي هو عالميًا بين اميز المشاريع قيد التنفيذ بعد احتساب وقع انجاز طريق الحرير الذي هو بالمناسبة اكبر مشروع انشائي عالمي اقرته الصين، والاشارة الى المركز التصنيعي الضخم الذي انجز بين الصين والسعودية ربما تستدعي حمايته تدخلاً من الصين.
الحوثيون يجب ان يدركوا ان اقرار دولتين من اربعة مذكورين في المقال مواجهة الحوثيين عسكريًا في البحر او عبر الغارات الجوية سيؤدي الى انطفاء حركة الحوثيين وسيادة فترة زمنية غير قصيرة من السلام.