IMLebanon

آخر فرصة…. حكومة إنقاذ  

 

 

قد تكون عملية تشكيل حكومة مهمة إنقاذية في لبنان، الفرصة الأخيرة لإنقاذ اللبنانيين، إذ تبدو الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ماضية نحو المزيد من التعقيد… فلبنان الذي دخل أسوأ أزمة إقتصادية تهدد استقراره… وبات الفقر مصير فئات إجتماعية من اللبنانيين.

 

إنّ الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان تبدو وكأنها «ضربة شبه قاضية»، فبعد سنوات من نمو متباطئ مع عجز السلطات عن إجراء إصلاحات بنيوية، ازداد الوضع المعيشي خطورة، وسط أزمة سيولة حادّة وارتفاع جنوني في أسعار المواد الغذائية..

 

إنّ عدداً كبيراً من اللبنانيين وللأسف الشديد لم يعد باستطاعته شراء اللحوم الحمراء والبيضاء، فأسعار هذه المواد ارتفعت بشكل كبير، جعل المواطن غير قادر على تأمين لقمة عيش له ولعائلته. حتى الرغيف لم يعد بمتناول الفقراء وهم كثر.

 

أما الوضع الصحّي، فحدّث عنه ولا حرج، فجائحة كورونا زادت الطين بلّة، فالأدوية المدعومة من مصرف لبنان صارت نادرة الوجود، أو فلنقل انها باتت «مفقودة»… أدوية الأمراض المزمنة، لم تعد بمتناول المرضى، فتجار الأدوية تجاوزوا كل الحدود، ولم تعد في قلوبهم رحمة ولا شفقة. أضف الى ذلك تهافت بعض المواطنين على تخزين أنواع من الأدوية خوفاً من ارتفاع الأسعار.

 

لقد تخطّى عدد الفقراء في لبنان خلال العام الحالي الحدّ المعقول، على وقع إنهيار إقتصادي متسارع، فاقَمَتْهُ تدابير الإغلاق مع التفشّي المتزايد لڤيروس كورونا المستجد، ومن ثم انفجار المرفأ الضخم.

 

ولنعط مثالاً على ما آلت إليه أمور المواطن اللبناني، فإذا اضطر هذا المواطن لإصلاح سيارته، فإنه لن يتمكن من دفع كلفة إصلاحها. فقطع الغيار بالدولار، وهي ارتفعت الى حد غير معقول، فتغيير «الكولييه» والبوجيات يكلف الملايين، أموال المودعين مجمّدة في المصارف، بسبب دولة «الإستلاف» التي كانت «تستلف» من مصرف لبنان، وهو كان مضطراً لتلبية طلبها، لأنّ الدولة بحاجة الى تأمين رواتب موظفيها، الى رواتب عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي والمؤسّسات الأمنية كافة.. لأنه من غير الممكن ترك هؤلاء من دون رواتب… إذ كيف سيعيشون؟

 

والأسوأ من هذا وذاك، أنّ الديون المتراكمة على الدولة، وصلت الى حدود الـ90 مليار دولار.

 

والأنكى من ذلك أنّ حكومة ذياب اتخذت قراراً «تاريخياً» لا يخطر على بال عاقل، إذ بدل الاجتماع مع أصحاب اليورو بوند والاتفاق معهم على جدولة «الدين»، تمنّعت عن دفع اليورو بوند.

 

ولنتصوّر سخافة مثل هذا القرار، ولنفرض بمنتهى البساطة، أنّ إنساناً استدان مبلغاً من المال من شخص آخر، وعند استحقاق الدفع، يتمنّع عن تسديد ما عليه، ويخاصم الدائن ويرفض الاجتماع به لحل المعضلة.

 

قرار التمنّع عن دفع اليورو بوند كشف المصارف خارجياً وصرنا غير قادرين على «فتح» أي اعتماد… فهل يتصوّر إنسان عاقل… كيف حدث هذا الأمر؟

 

مشكلة الدين سببها الأول والأهم، الفساد بكل أنواعه، وخصوصاً الكهرباء التي كبّدت خزينة الدولة 47 مليار دولار.

 

لقد رفض «الوزير» البواخر، ثم عاد وقبل بها… والخسائر تتراكم… وكلها من أموال المواطنين. كما رفض «الوزير» الإستدانة من الصناديق العربية لأسباب لا يعرفها أحد، لكن من الممكن أن يكون السبب تمنّع هذه الصناديق عن إعطاء الأموال للوزير أو لوزارته، بل كان شرطها أن تقوم هي «أي الصناديق» بالتلزيم والدفع والمراقبة. وبدأت الوزارة تستدين من المصارف، لأنّ حضرة «الوزير المحترم» لا يريد بناء معامل.

 

ولنكن أكثر وضوحاً، أليْس استعمال الغاز أوفر بكثير من استعمال الفيول؟ فلماذا لم نستعمل الغاز منذ 12 عاماً، ألم يكن هناك توفير لا يقل عن 18 مليار دولار؟.. لكن ببساطة الوزير لا يريد… وبالتالي يتحفنا بالقول: «ما خلّونا نشتغل».

 

ولننتقل الى السياسة… فإنّ مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انصبّت على تشكيل حكومة مهمة إنقاذية من اختصاصيين، ولمدة ستة أشهر. فإذا نجحت مثل هذه الحكومة استمرّت، وإلاّ فلتستقل وتعلن فشلها.

 

لقد جرّبنا منذ «الطائف» وحتى اليوم أنواعاً عدة من الحكومات… وكلها فشلت في إنقاذ البلد… وأكبر دليل انهيار الوضعين الاقتصادي والمالي.. والتفكك الاجتماعي.

 

ونتساءل أخيراً… ألا يحق لهذا الشعب العيش بكرامة وعزة نفس.. وأن يحيا حياة كريمة..؟ فلنجرّب حكومة إنقاذ من اختصاصيين، ولنحاول… فإنها قد تكون الفرصة الأخيرة لخلاص لبنان.