Site icon IMLebanon

خطة إنقاذية بالتأكيد فاشلة  

 

 

رئيس الوزراء نجيب ميقاتي ونائبه الخبير الاقتصادي المتمرّس مع صندوق النقد الدولي يعتبران ان البرنامج الانقاذي المطلوب والذي يستند الى تفاهم مع صندوق النقد الدولي يجب ان يكون تقشفياً. فكليهما يقران ان الهدف الرئيسي للخطة يجب ان يكون تقشفي يتجلى بخفض المستوردات بنسبة النصف لضبط ميزان المدفوعات ومنع توسع العجز. فهما يعتبران ان اللبنانيين ينفقون بدون حساب ويجب ان نفرض عليهم ضبط الانفاق لكي نخفض عجز ميزان المدفوعات وبالتالي تحقيق فائض اولي يتجلى في اكتساب لبنان عملات اجنبية تفوق ما حدث في السنوات الاخيرة.

 

إنّ هذا التفكير بعيد عن انعاش الحركة الاقتصادية واستعادة دور العملة على مستوى يتناسب مع كفايات الحاجات الغذائية والسكنية والكهربائية وأكلاف البنزين للانتقال وأكلاف التعليم بما فيها اكلاف الجامعة اللبنانية وضرورة إحيائها من التحسّب والانكفاء.

 

اكثر ما يحتاجه لبنان التوصل الى تقييم قيمة ونوعية المساعدات التي تتوافر من الهيئات الدولية والدول المعنية بتأمين مستوى كفاية مقبول للشعب اللبناني عبر جمعيات تعمل بشفافية كاملة ونشاط مستمر. فأوضاع 50٪ من اللبنانيين مأسوية، حتى رئيس الوزراء ونائبه، واختصار عجز ميزان المدفوعات يتحقق اذا توصلنا الى تأمين مساعدات سنوية لسنتين على الاقل توازي 5 – 6 مليارات دولار يضاف إليها تحويلات اللبنانيين من بلدان الاغتراب (التي تآكلت) سواء بسبب الهجرة المستجدة نتيجة نشاط وآمال 150 ألف لبناني من اصحاب الكفاءات ومن عليهم مسؤوليات عائلية شخصية او مسؤوليات تجاه آباء وأمهات لا يتيسّر لهم مقدار من الدخل يسهم في كبح الجوع وتأمين العناية الصحية.

 

الاعانات الدولية سواء من دول كفرنسا والسعودية او قطر والولايات المتحدة وألمانيا والسوق الاوروبية يمكن ان تبلغ اذا احسنا الترتيبات التي تكفل حسن استقبال وتوزيع المعونات مستوى 5 – 6 مليارات دولار، ونحن نشهد على سبيل المثال ونشكر

 

وزير الاقتصاد على مساعيه لدى البنك الدولي لتأمين مساعدة حيوية لتأمين توافر القمح

 

لاستهلاك الخبز المادة الاساسية للغذاء، وقد شاهدنا إقبالاً على مساعدة اللبنانيين بتأمين

 

الادوية للامراض المستعصية والحقن المطلوبة لتحصين اللبنانيين من جائحة الكورونا.

 

يجب ان نستكمل المعونات، والتي علينا السعي لتأمينها على مدى سنتين على الاقل، بتحويلات اللبنانيين العاملين في الخارج وهذه يمكن ان تبلغ اكثر من 7 مليارات دولار لأن المهاجرين من اصحاب الكفاءات خلال السنتين المنصرمتين تجاوز عددهم الـ150 الفًا.

 

اذا حققنا الارقام الممكنة للاسباب المذكورة اعلاه واذا استطعنا زيادة صادراتنا الزراعية والى حد ما الصناعية وبخاصة منها منتجات المجوهرات، التي كانت تشكل نصف حجم الصادرات اي ما يساوي تقريبًا ملياري دولار سنويًا، يمكن ان نفترض ان الدورة الاقتصادية التي ستتحقق من جميع المصادر المشار اليها ستؤدي الى تحقيق دخل قومي على مستوى 40 مليار دولار، والكلام عن انحدار الدخل القومي الى ما يساوي 18 مليار دولار غير دقيق ولا ينم عن معرفة اصحابه بطبيعة الاقتصاد اللبناني واندفاع اهله لكفاية حاجات عائلاتهم.

 

خلال السنة الثانية اي عام 2023 نستطيع تحويل خدمات الاتصالات الى شركات خاصة ونسحب من هذه الشركات التزام اعتماد توصيات وزراء الاتصالات لتوظيف محاسيبهم، الامر الذي انتقص على مدى سنوات ما يساوي 250 مليون دولار سنويًا من العائدات التي تذهب للميزانية، ومن المفيد تذكير المسؤولين بأننا كنا البلد الاول الذي ادخل خدمات الهاتف الخليوي والانترنت الى منطقة الشرق الاوسط ورغم ان رسوم الخليوي والانترنت هي الاعلى في المنطقة اصبحت خدمات الوسيلتين متردية وعند مقارنتها بالرسوم المفروضة في البلدان القريبة، سواء سوريا، قبرص او الكويت والسعودية تبدو اكلافنا التي تترتب على الاتصالات الشخصية واتصالات المؤسسات واتصالات دوائر الدولة وكأنها تحاكي اعلى مستويات التكلفة للمواطنين في منطقة الشرق الاوسط، فالمملكة العربية السعودية مثلاً تحتل حسب التقييم الدولي افضل شبكات الهاتف الخليوي من الجيل الخامس وخدمات الانترنت السريعة والمستمرة، وكلا الامرين ساعد على توسع شبكات خدمات ما يسمى بالتجارة الالكترونية، وكل ذلك يحدث ونحن غائبون عن متابعة التطورات ومستهترون بأهمية هذا القطاع.

 

الامر الاهم الذي يجب ان يدركه الرئيس ميقاتي ونائبه هو ان اللبنانيين العاملين في الخارج سواء دول الخليج العربي او الدول الاوروبية والافريقية وشمال اميركا يفوق عددهم عدد وخبرات اليد العاملة المتبقية في لبنان، وهذا الامر كان بالإمكان ان يكون من عناصر القوة والازدهار لو كان العاملون في الخارج يعتقدون ان مدخراتهم اذا اودعت في المصارف اللبنانية ستكون بالتأكيد محفوظة وغير مصادرة لتغطية اخطاء وممارسات قطاع عام يشكو من توسع ممارسات السيطرة على نفقات الادارة العامة ومقاصدها، وهذه القضية اهم بكثير من ضبط حسابات ميزان المدفوعات.

 

ويبقى ان نقول للرئيس ونائبه ان إقرار قانون الكابيتال كونترول لن يكون موقتًا وسيضر بالتحويلات الى لبنان ومن لبنان، وإن إقراره يعني بأنه اصبح لدينا اقتصاد يخضع لوسائل ضبط الانفاق نفسها التي يخضع له النظام السوري، وعندئذٍ لا نعجب من مطالبة بعض المتحمسين لما يسمى باقتصاد المقاومة من السعي لإعادة اللحمة بين العملة اللبنانية والعملة السورية فتصبح صورة الاقتصاد اللبناني غير قابلة للاصلاح.

 

كلمة اخيرة، الحكومة الحالية لم تعد مسؤولة عن الاقتصاد، فهي ساهمت بعد حكومتين سابقتين في زيادة الضغط على قوى الانتاج وتسخير الدورة الاقتصادية للاستهدافات السياسية ونسيان حاجات اللبنانيين الاساسية، وبالتالي يستحسن ان تنسحب هذه الحكومة من اي قرارات مسيئة للبنان واللبنانيين ومستقبل الوطن الذي كاد ان يضيع.