Site icon IMLebanon

صيغة قرار لمبادرة فرنسيّة ـ أمميّة

مرّ كأيّ خبر عادي، لم يُحدث صدمة، لم يحظَ بأيّ تعليق، وكأنّ البيان الصادر عن مجلس الأمن في شأن لبنان قد أصبح جزءاً من عُرف، أو شيئاً من عدم الإكتراث بدقة الوضع الذي بلغته الصيغة اللبنانية، فصدر وكأنه من باب رفع العتب.

تبدو القراءة الديبلوماسيّة مختلفة. البعثات المهتمة مستنفرة على طول الجبهة المقابلة لحال اللاإهتمام الداخلي، «لو أنّ طرفاً أثار موضوعاً ثانويّاً، لبادر الآخر الى الجدّ في الرد، أما أن يبادر مجلس الأمن الى المطالبة بإنتخاب رئيس، والعودة الى كنف المؤسسات الرسميّة، فهذا لا يحظى بأيّ قدر من الإكتراث؟!».

حال كهذه قد تكون مألوفة «لأنّ اللبنانييّن ينتظرون مبادرات بديلاً عن البيانات»، وهذه في حال التكوين كما يبدو، وتحتاج الى بعض الوقت، فالبيان الرئاسي على مقدار من الأهميّة، وقد حظي بإجماع أعضاء المجلس، وهو يؤسس لخطوة لاحقة، كأن يُصار الى إعادة صوغه، ليصدر في صيغة قرار ملزم.

وفي القراءة الدبلوماسيّة، أنّ فرنسا مهتمة. ما أقدمت عليه كان مجرّد توطئة لعمل كبير، من ملامحه تعبئة ديبلوماسيّة دوليّة حول لبنان «وطن الأقليات»، تنتهي بإستصدار قرار خاص يشكل إطاراً دوليّاً لمؤتمر وطني جامع، يتمّ التفاهم على مكانه، وزمانه، قد يكون في مقرّ جامعة الدول العربيّة في القاهرة بإشراف عربي ـ دولي، او في سان كلو، او في مقر الأمم المتحدة، لإعادة ترسيم صلاحيات المؤسسات الدستوريّة، وإنتخاب رئيس للجمهوريّة.

تعرف فرنسا، ومعها المجموعة الدوليّة الخاصة بدعم لبنان، بأنّ البيان الأممي لن يغيّر من واقع الحال، وهناك كثيراً من أمثاله من البيانات وصفّ الكلمات، إلاّ أنّ توجّهها كدولة كبرى الى مجلس الأمن لتحريك الملف الرئاسي، إنما يأتي مدعوماً من الفاتيكان، وبتنسيق وتشاور مع الولايات المتحدة، والإتحاد الأوروبي، لوضع شيء على نار هادئة.

لم تنتهِ عندها مهمّة جان فرنسوا جيرو، جوهر تلك المهمّة أنها إحترمت مكانة السعوديّة، وإيران بما يكفي، أقرّت بنفوذهما الواسع على الساحة اللبنانيّة، لكن من الآن فصاعداً هناك كلام آخر: «تريدون الفوضى في لبنان؟ تريدونه لقمة سائغة بين أشداق الإرهاب؟ أم يهمكم الأمن والإستقرار في ربوعه؟!».

شعرت بعد جولات جيرو أنّ هناك نقصاً، لا يمكن «إدارة الظهر الى سوريا، واللبنانيون منقسمون حول ربيعها وخريفها وشتائها؟!»، فكانت مبادرة البرلمانيين الأربعة الذين يمثّلون نخب الطيف السياسي الفرنسي داخل الجمعيّة الوطنية، ثم كانت مبادرة النواب الفرنسيين عبر صحيفة «لو فيغارو» حول ضرورة إعادة فتح السفارة الفرنسيّة في دمشق.

مبادرات كهذه قد تكون محدودة النتائج نظراً لتعقيدات الوضع السوري، وكثرة الطبّاخين في مطبخه، ولكنها في المقابل قد ترمز الى عنوان صغير يهدف نحو تحوّل كبير، من عناوينه إعادة الإتصال مع دمشق، لحماية الإستقرار في لبنان.

وفي التقويم الدبلوماسي ايضاً، أنّ المهمة ليست سهلة، والطريق ليست مفروشة بالورود والرياحين، هناك صعوبات محفوفة، وأولويات فرضت وتفرض نفسها. التفاهم بين إيران ومجموعة 5+1 حول البرنامج النووي إستحقاق داهم. يبرم الإتفاق أو لا يبرم، لكلّ خطاب جواب؟!.

وما بين الحالة السعوديّة ـ الخليجيّة، والحالة اليمنيّة، مستجدات تفرض أولوياتها، فكيف إذا تطوّر النزاع نحو باب المندب، وأيضاً نحو الحدود المشتركة بعدما بدأ مسلسل تفجير المساجد يفرض نفسه على أرض الواقع؟!.

الصعوبات جمّة، والمكائد كثيرة، لكن على الطريق نحو «لبنان وطن الأقليات المتعاونة المنسجمة، والدولة القوية القادرة والعادلة»، هناك مؤشرات واعدة منها: بيان مجلس الأمن الخاص بلبنان. نداءات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول ضرورة إنتخاب الرئيس.

التعبئة العامة للإتحاد الأوروبي، وللمجموعة الدوليّة لدعم لبنان. جولة وفد لجنة الصداقة البرلمانية البريطانية ـ اللبنانية برئاسة أندي لوف على المسؤولين بدعم ومشاركة سفير بريطانيا المتحمّس للبنان الإستقرار طوم فليتشر. الحراك الذي تقوم به المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة سيغريد كاغ في إتجاه المسؤولين والفعاليالت، وعزمها على زيارة كلّ من الرياض وطهران.

وأخيراً، وليس آخراً، الإتصالات التي بدأها الإتحاد الأوروبي مع قريبين من الرئيس بشّار الأسد… ثمّ «إضبطوا ساعاتكم جيداً، ومنذ الآن على توقيت وصول سفير فرنسا الجديد إيمانويل بون الى بيروت؟!».