IMLebanon

«خريطة طريق للإصلاح» (2)

 

 

نحو صناعة سياحية

 

لدى تسلّمي مهمات وزارة السياحة قدّمت خطة متكاملة التزمتُ تطبيقها وصارحت الرأي العام بالعراقيل وتشاركنا الانجازات بوضوح وشفافية، وكان هدف الخطة محاسبتنا بعد الخدمة الوزارية على ما تعهدنا به. واسمحوا لي مشاركتكم الخطة الموضوعة التي اعتبرت في حينها انني اعتبر السياحة صناعة متكاملة يتم التعامل معها بنفس المعايير الصناعية التي تعودت عليها، «فالسياحة اليوم هي إبداع وابتكار». السياحة هي عملية إنتاج مترابطة. السياحة هي استراتيجيات وخطط عمل متطورة. السياحة هي تحويل المقوّمات الطبيعية وغيرها إلى مردود اقتصادي».

تمكنّا من تحقيق العديد من الانجازات مثل: زيادة عديد الضابطة السياحية وتفعيل الشرطة السياحية، شباك موحّد، تطبيق القوانين مثل التدخين، تصنيف للمؤسسات بمستوى عالمي، ولكن العديد من المشاريع تعثرت ولن يَسع المقال لذكرها، ولكن كان همّي الأول طيلة فترة خدمتي في وزارة السياحة، تحسين صورة المطار وتطوير خدماته، وأوّل ما فاجأني حين استلمتُ مهماتي هو فضيحة أنّ وزارة السياحة ليس لها أيّ صلاحيات في المطار لا من قريب ولا من بعيد، وصوتها غير مسموع عند تقديم الاقتراحات.

 

وعلى رغم ذلك انطلقتُ بمجموعة مطالب أساسية وأصررتُ على أن أكون عضواً في اللجنة التي وضعت لدراسة خطة لتطوير المطار برئاسة دولة رئيس الحكومة آنذاك. واصطدَمت كلّ المطالب والمحاولات بمصالح ضيّقة وسقطت بحجة عدم وجود الصلاحيات، وما أدراك ما عقدة الصلاحيات بين الوزارات في لبنان. فمثلاً لم نتمكّن من تفعيل عمل الشرطة السياحية في المطار والأسباب غير معروفة.

 

وبعد محاولاتنا المتكررة جاءنا كتاب من أحد المسؤولين حول تعزيز الشرطة السياحية في المطار رافضاً وجودها. والتعبير الغريب الذي ورَد فيه ما حرفيّته: «حيث أنّ فتح مكتب لقسم الشرطة السياحية في المطار يفتح الشهية والرغبة لبقية القطعات والمديريات بفتح مكاتب لها تحت ستار الصلاحية الاقليمية التي تشمل الاراضي كافة، وهذا لو حصل يؤدي الى «خراب البصرة»… إعتراف ضمني بما هو الحال عليه في المطار. فاستعمال كلمة شهية هو اعتراف ضمني او قناعة في اللاوعي أنّ الموضوع هو موضوع مأدبة، فـ»خراب البصرة» اليوم يتمثّل بوجود عدة أجهزة امنية، بعضها يقدّم خدمات مقابل إكراميات.

إحتيال تذاكر السفر وسياسة الطيران المفتوحة

 

المعركة الأخرى التي رفضت الدولة اللبنانية ايصالها الى خواتيمها هي اسعار تذاكر السفر الى لبنان والمرفوض حتى مناقشتها، وبعد دراسات تقدمنا بها بأنّ اسعار شركات الطيران الاجنبية الى لبنان أغلى بكثير من الأسعار الى العواصم القريبة مما يجعل لبنان المقصد الأغلى، وطلبنا رفع دعوى على شركات الطيران الاجنبية ومساءلتها في محاولة لفهم التسعير على خط بيروت، كما سَعينا وطالبنا بالسماح برحلات منخفضة الثمن الى بيروت، واتهمنا بالخيانة الوطنية لأنّ ايّ محاولة اعتبروها تقويضاً لشركتنا الوطنية، وهذا غير صحيح، وحتى اليوم تبقى سياسة النقل الجوّي الرسمية في لبنان لا تعتمد على التنافس الحرّ المعروف بالأجواء المفتوحة، بل تعتمد على حصر الطيران إلى لبنان ومنه، ما يجعل سعر تذاكر السفر أعلى بالمقارنة مع العواصم حولنا!

معركة الـ س – س – س

 

كنت أعرف في مجلس الوزراء بوزير الـ س – س – س لمعارضتي المعروفة لثلاثة ملفات اساسية، وهي: «سوكلين» و«سوليدير» وسوق حرة، واقترحت فرض ضريبة Windfall tax لتحصيل ضريبة ارباح لمرة واحدة فقط من هذه العقود التي اعطيت بتسامح كبير، وقفت الى جانب «السان جورج» في معركته ضد «سوليدير» بكل فخر، كشفنا العقود غير المنطقية التي أعطت حق الاستثمار للشركة بمبالغ زهيدة وتحوّلت جمهورية «سوليدير»، التي يحقّ لها ما لا يحقّ لغيرها، وتداول الأسهم لم يكن شفّافاً وخاضعاً لقوى السوق.

 

امّا «سوكلين» فعبّرتُ بوضوح عن رفضي التمديد لها في مجلس الوزراء. ووجهتُ كتاباً إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، في 2 آب 2012، أي في عهد حكومة نجيب ميقاتي، بعد فضيحة التمديد المزعوم لـ»سوكلين» حيث تضمّن، وفقاً لمحضر الجلسة الموزّع على الوزراء، موافقة المجلس على تمديد العقود (…) مع مجموعة «أفيردا» و»لاسيكو» لمدة 4 سنوات تنتهي عام 2015، من دون أن يكون مجلس الوزراء قد قرر الموافقة على التمديد. وفي خريف عام 2013، قررت «سوكلين» تبييض صفحتها بحملة إعلانية في وسائل الإعلام، جاء فيها ادّعاء تلك التركيبة «بأنّ أسعار خدماتها هي من أفضل الأسعار في لبنان». أخذنا الإعلان المذكور، وقمنا بمراسلة قانونية بتاريخ 6 تشرين الثاني 2013 إلى المدير العام للاقتصاد، طالبين منه وقف الإعلان المذكور، لأنه «إعلان خادع».

 

أما السوق الحرة فكانت محاولة إعطاء حصة للصناعة اللبنانية في السوق الحرة بأسعار معقولة، تقدّمنا من مجلس الوزراء طالبين مساحة ولو خارج السوق، وتم إعطاؤنا المساحة، ولكن تم تحريف القرار لمنعنا من البيع والسماح بالعرض فقط، وبقيت محاولات إصلاح هذا الخلل لسنوات ولم تفلح من «جمعية الصناعيين»، حيث بدأنا حملة تحت عنوان «الحقيقة مرة في السوق الحرة». وبعدها بقيتُ أعارض حصة الدولة الخجولة من هكذا استثمار الى أن رفعت حصة الدولة في الاستثمار الاخير.

حاكمية لمكافحة الفساد

 

إقتراح متقدم، ولكن ما نشهده من تدخلات بالقضاء يجعلني مقتنعاً أنّ ما نحتاج اليه هو حاكمية لمكافحة الفساد، يكون لديها سلطة عليا منفصلة عن السلطات السياسية، وهذه الحاكمية يجب ان تملك ادواراً رئيسية:

1 – الدور الاول:

 

دور إجرائي يتمثّل بالتحقيق والمتابعة لقضايا الفساد، دور مشابه لمكتب استقصاء ممارسات الفساد في سنغافورة مثلاً

 

corrupt practices investigation bureau

 

https://www.cpib.gov.sg وهي اقدم هيئة لمكافحة الفساد، وحققت إنجازات كبيرة ووضعت سنغافورة على قائمة الدول الاكثر شفافية في العالم، ويكون هذا المكتب تابعاً للحاكم ودوره ملاحقة قضايا الفساد والتحقيق فيها والوصول بخواتيمها الى القضاء المختص.

 

2 – الدور الثاني

 

مراقبة تطبيق قانون الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة، وهو قانون اقترحناه بعد اغتيال الحق في الوصول الى المعلومات، ينصّ على اعتبار «الداتا» حقاً مقدساً للمواطن وفتح كافة البيانات ليتمكّن المواطن من الاطلاع على كل معلومة وكل قرش يصرف من المال العام.

 

3 – الدور الثالت

 

a – مراقبة الاحتكارات، ويكون ذلك بإنشاء لجنة لمراقبة الاحتكار الخاص والرسمي منفصلة عن كل الوزارات وتابعة مباشرة للحاكمية «Anti – Monopolies Commission» تهدف الى دراسة الاحتكارات في لبنان، وتحليل جدواها الاقتصادية، وملاءمتها للاقتصاد المنتج، والعمل تدريجاً على زيادة التنافس وتفكيك كل الاحتكارات.

 

4 – الدور الرابع

 

يكون لدى الحاكمية سلطة الرقابة على وسيط الجمهورية.

 

5 – الدور الخامس

 

الاطلاع على كافة الحسابات لكل من يعمل في القطاع العام ومؤتمن عليه.