IMLebanon

حكم بلا سياسة خارجية واحدة هل يمكنه أن ينجح؟

بعد فضيحة باسيل – المعلِّم.. روحاني يضع لبنان في الجيب الإيراني

حكم بلا سياسة خارجية واحدة هل يمكنه أن ينجح؟

ان الوضع المتردي الذي وصلت إليه سياسة لبنان الخارجية لا يمكن فصله عن الوضع الداخلي الذي بدأ بدوره يشهد اهتزازات قد تؤدي إلى انهيار الحكومة

ينشغل مجلس النواب والحكومة هذه الأيام بمشروع قانون موازنة العام 2018، وتستعد الحكومة اعتباراً من الأسبوع المقبل لعقد سلسلة اجتماعات لمجلس الوزراء لانجازه واحالته إلى السلطة الاشتراعية متجاوزة المهلة الدستورية التي تجيز لها إصدار الموازنة بمرسوم في حال لم يُنجز مجلس الوزراء اقرارها قبل نهاية شهر كانون الثاني المقبل، فيما أزمات كثيرة تلاحق هذه الحكومة وتهدد بشل حركتها، بدءاً من الخلاف المستحكم حول السياسة الخارجية، وليس آخرها الخلافات الداخلية التي قد تجاري في حدتها الأزمات الخارجية وربما تفوقها حدة، فيما البلد على مشارف إطفاء الشمعة الأولى من ولاية العماد عون.

فعلى صعيد السياسة الخارجية تستحضر الأوساط المراقبة الأزمة الناشبة داخل الحكومة نتيجة الاختلاف بين مكوناتها من جهة وبين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة حول مقاربة الحكم للعلاقة مع النظام السوري، بحيث يُصرّ فريق رئيس الجمهورية على التطبيع مع هذا النظام كممر إلزامي لحل مشكلة النازحين السوريين، فيما يرفض رئيس الحكومة ومعه وزراء القوات اللبنانية هذه المقاربة، ويحمل الفريق الأوّل مسؤولية خروجه عن التسوية الداخلية التي قامت على تحييد لبنان عن النزاعات العربية، وهذا الخلاف عبّر عن نفسه في الاجتماع الذي عقد مؤخراً في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بين وزير خارجية لبنان جبران باسيل ووزير خارجية النظام السوري وليد المعلم على خلفية ان لا حل لأزمة النازحين، إلا بالتطبيع مع هذا النظام، وفي الرد القاطع لرئيس الحكومة بعدم موافقته على إقامة أي حوار مع النظام السوري.

وتعتبر هذه الأوساط ان هذه الحادثة وحدها تكفي للقول بأن التسوية التي قامت على تحييد لبنان عن صراعات المنطقة تعرّضت للانهيار، وأن الحكم أصبح منقسماً على نفسه، وبلا سياسات خارجية، إذ كيف يمكن ان تكون هناك سياسة خارجية واحدة في وقت يجتمع فيه وزير الخارجية مع وزير خارجية النظام السوري من دون ان تكون الحكومة على علم مسبق بهذا الاجتماع، في حين يرد رئيس الحكومة عليه بعدم الموافقة، علماً بأن هذا الضياع والبلبلة الناتجين عن تفرد الوزير باسيل بهذا الاجتماع لم يكونا وحدهما الدليل على عدم وجود سياسة خارجية واحدة أو في الحدود الدنيا من التنسيق، وفي هذا السياق يأتي تصريح الرئيس روحاني الأخير حول النفوذ الإيراني في لبنان والتنسيق الدائم بين الدولتين وما كشفه من اتساع الهوة داخل الحكم، عبّر فريق منه عن رفضه للتصنيف الإيراني للبنان، فيما التزم فريق رئيس الجمهورية بالصمت علامة الرضا، في الوقت الذي كان يتوجّب على مجلس الوزراء ان يعقد جلسة طارئة، ويرفض بموقف واحد هذا التدخل الإيراني السافر في شؤون لبنان الداخلية وتصنيفه في خانة الاستتباع للنفوذ الإيراني على حدّ ما جاء في تصريح الرئيس روحاني.

وتذهب هذه الأوساط أبعد من ذلك لتقول بأنه لم يشهد لبنان عبر تاريخه مثل الفوضى التي يشهدها اليوم في سياسته الخارجية، والتي لا يبدو انها إلى انحسار خصوصا بعد التشكيلات الدبلوماسية الأخيرة، وقرار الفاتيكان برفض قبول مرشّح الحكومة اللبنانية لتولي سفارة لبنان هناك، وتلك تشكّل بالنسبة للاوساط المراقبة، فضيحة تدني السياسة الخارجية وفقدانها التوازن المطلوب في العلاقات الدولية.

ويرى المراقبون ان هذا الوضع المتردي الذي وصلت إليه سياسة لبنان الخارجية في ظل مرحلة دقيقة تمر بها المنطقة، لا يمكن فصله عن الوضع الداخلي الذي بدأ بدوره يشهد اهتزازات قد تؤدي، رغم الكوابح، إلى انهيار الحكومة، من خلال تمرد القوات اللبنانية على ما وصفوه بسياسات التهميش والكيدية من جهة، وتململ تيّار رئيس الحكومة الحريص على حقن التسوية بالاوكسجين كلما ترنحت تحت وطأة الضربات القوية التي يوجهها الحزب الحاكم، وإن كان البعض لا يزال يميل إلى الاعتقاد بأن القوات لن تذهب إلى حدّ الخروج من الحكم وتعريض التسوية للانهيار، فكيف الأمر بالتيار الأزرق الذي ما زال رئيسه مؤمناً بأن لا بديل عن التسوية، مهما ابتعد التيار البرتقالي أو مهما تعنت في غلوائه؟